ولو حلف بصدقة ماله، فقال: مالي نذر أو صدقة أو في السبيل، أو هدي، أو لوجه الله، قال: مالي أو جميعه، أجزأه من ذلك إخراج الثلث من العين والطعام والرقيق وغيره، إلا أن ينوي العين خاصة. ثم قال أصبغ: إذا قال لوجه الله فمخرجه الصدقة دون غيرها، ولو قال ذلك في عبده، لكان مخرجه العتق. وإن قال: في سبيل الله أو لسبيل الله، كان مخرجه الغزو والجهاد خاصة. ولو قال: نصف مالي أو ثلاثة أرباعه، أخرج جميع ما سمى.
قال محمد: وكذلك إن قال: مالي إلا درهماً، أخرج جميع ذلك. قال: فإن عين فقال: عبدي أو داري، وذلك جميع ماله أو نصفه أو ثلاثة أرباعه، أخرج جميع ما سمى. وروى ابن وهب فيمن لم يعين، وسمى أكثر من الثلث أنه يقتصر على الثلث. وذكر الشيخ أبو القاسم في المعين إذا كان أكثر من الثلث روايتين. إحداهما: أن لا يلزمه أكثر من الثلث. وقال ابن حبيب: إذا حلف بجميع ماله فإنه يلزمه إخراج ثلثه إذا كان ملياً. فأما القليل المال الذي يجحفه الثلث، فيخرج قدر زكاة ماله، وأما الفقير فيكفر كفارة يمين.
وقال سحنون في جميع ذلك، عين أو لم يعين، يخرج ما لا يضر به إخراجه.
فروع: الأول: إذا حلف بصدقة ماله فحنث فلم يخرج شيئاً، حتى أنفقه، فقال أشهب: لا شيء عليه، ولا يتبع به ديناً. وقال ابن القاسم: يضمن إذا أنفقه أو ذهب منه كزكاة فرط فيها حتى ذهب ماله. وقال سحنون: إذا فرط في إخراج الثلث حتى هلك المال. (ضمن. وفي الواضحة: ومن حلف بصدقة ماله فحنث، ثم ذهب ماله باستنفاق، فذلك دين عليه).
وإن ذهب بغير سببه، فلا يضمن، ولا يضره التفريط حتى أصابه ذلك.
ولو حلف فحنث وقد زاد ماله، فليخرج ثلثه يوم حلف، وإن نقص، فثلثه يوم حنث.
(قال في الواضحة: إن كانت الزيادة بمتجر، فلا يلزمه إخراج ثلثها. وإن كانت بولادة أخرج ثلثها مع ثلث الأصل).
الفرع الثاني:(إذا حلف بصدقة ماله فحنث، فلم يخرج شيئاً، ثم حلف فحنث والمال الأول بيده لم يزد، ففي كتاب ابن حبيب وكتاب ابن المواز: ليس عليه إلا ثلث واحد. قال ابن حبيب: قاله مالك وأصحابه).
وفي كتاب ابن المواز أيضاً: ومن حلف بصدقة ماله فحنث، ثم حلف بصدقة ثلثه فحنث، فيلخرج ثلثه الأول، ثم ثلث ما بقي. وقال مثله في الحالف مرتين بصدقة ماله، ثم قال: يخرج ثلثه مرة واحدة يجزئه، وقاله ابن كتانة، وبالأول أخذ محمد، وقاله أشهب.