للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والغياض، فأجاز أصبغ الإرسال على ما فيها. ومنع منه ابن القاسم وأشهب، فتنحل من هذا أن أشهب لا يبيح إلا المعين، وابن القاسم يبيح العين والمحصور. وأصبغ يبيح المعين بالجهة، وإن أمكن أن يختلط به غيره، أعني أن يكون غير محصور.

ولا خلاف في المذهب أنه لا يباح الإرسال على كل صيد يقوم بين يديه.

ولو رأى الجارح يضطرب، ولم ير الصائد شيئاً فأرسل عليه فأجازه مالك مرة، وكرهه أخرى. وقال: لعله غير الذي اضطرب عليه، قال الشيخ أبو الطاهر: ((وقد أبان مالك أن هذه الصورة جارية على أصل ثان: هل يحكم بالغالب فيجوز أكله؛ إذ الغالب أنه إنما أخذ ما اضطرب عليه أو لا يباح إلا مع اليقين؟)). قال: ((ويحتمل أن تبقى الكراهة على حقيقتها، أو تكون بمعنى التحريم)).

ومن أفعال الصائد التسمية عند الإرسال، كما يسمى الذابح عند الذبح، فإن ترك التسمية، فحكمه حكم الذابح وسيأتي. ومن أفعاله أيضاً اتباع الصيد بعد الإرسال، فإن رجع أو تراخى، فإن أدركه وذكاه قبل أن تنفذ مقاتله، أكل بالتذكية لا بالصيد. وإن لم يدرك حتى أنفذت مقاتله لم يؤكل، إلا أن يتحقق أنه لو اتبعه لم يدركه إلا منفوذ المقاتل، وهذا ظاهر في السهم.

فأما الجوارح، فإن كل له طريق إلى العلم بذلك أكل، وإلا فلا. ولو توارى عنه الصيد، ثم وجده منفوذ المقاتل، فإن تحقق أنه المقصود أكله. وإن شك فيه لم يأكله، وإن غلب على ظنه أنه هو، فهل يأكله؟ ظاهر المذهب على الخلاف، كما تقدم في مسألة اضطراب الجارح.

(ولو بات عنه الصيد، ثم وجده في الغد (منفوذ) المقاتل، فمذهب الكتاب: إنه لا يؤكل، وسوى بين البازي والكلب والسهم. وقال ابن الماجشون: عند ابن حبيب يؤكل على كل أحواله، أصابه سهم أو جارح، قال: وإن لم تنفذ مقاتله لم يؤكل، مخافة أن يكون إنما قتله بعض هوام الأرض ودوابها أو أعان على قتله. وأجاز ابن المواز أكل ما أنفذ السهم مقاتله، دون ما قتله الباز والكلب. وحكى أبو الحسن اللخمي قولاً بالكراهة)). قال

<<  <  ج: ص:  >  >>