يختلف في وقوع الثلاث به، وأنه لا ينوي، ولا يفترق الجواب في المدخول بها، وغير المدخول بها. أو تكون دلالتها على البينونة وانقطاع الملك خاصة، فينظر في ذلك، هل يصح انقطاع الملك والبينونة بالواحد، أم لا يصح في الشرع إلا بالثلاث، وهذا أصل مختلف فيه أيضاً إذا لم تكن معه معاوضة. أو يكون يدل على عدد غالباً، وقد يستعمل في غره نادراً، فيحمل مع عدم القصد على الغالب، ومع وجود القصد إلى النادر عليه إذا جاء مستفتياً فيه.
وإن كانت عليه بينة (فتختلف) فروع هذا القسم.
وإن كان يستعمل في الأعداد استعمالاً متساوياً، وقصد إلى أحد الأعداد قبل منه، جاء مستفتياً، أو قامت عليه بينة فإن لم يكن له قصد، فهذا موضع الاضطراب، فمن أصحابنا من يحمله على أقل الأعداد استصحاباً بالبراءة للذمة، وأخذاً بالمتيقن دون ما زاد. ومنهم من يحمله على أكثر الأعداد أخذاً بالاحتياط واستظهاراً في صيانة الفروج لا سيما على قولنا: إن الطلقة الواحدة تحرم، فكأن الاستباحة بالرجعة مشكوك فيها ها هنا، ولا تستباح الفروج بالشك.
قال: فاضبط هذا، فإنه من أسرار العلم، وإليه ينحصر جميع ما قاله العلماء المتقدمون في هذه المسائل، وبه تضبط مسائل الفتوى في هذا الفن.
ثم قال: وأقرب مثال يوضح لك هذه الجملة ما نحن فيه من مسألة القائل: الحلال علي حرام، فقولهم في المشهور: أنها ثلاث، وينوي في غير المدخول بها في أقل بناء على أن هذا اللفظ وضع لإبانة العصمة، وأنها لا تبن بعد الدخول بأقل من ثلاث، وتبين قبله بواحدة، وكونها في العدد غالباً في الثلاث، ونادراً في أقل منه، فحملت قبل الدخول على الثلاث، ونوى في أقل.
وقول عبد الملك: لا ينوي في أقل وإن لم يدخل، بناء على أنها موضوعة للثلاث، كقوله: أنت طالق ثلاثاً، ويلحق بأول الأقسام التي ذكرها.
وقول أبي مصعب. (يجري) في التي لم يدخل بها واحدة، وفي المدخول بها ثلاث. (بناء) على أنها لا تفيد عدداً، وإنما تفيد البينونة لا أكثر، والبينونة تصح في غير المدخول بها بواحدة، ولا يصح في المدخول بها إلا بالثلاث على إحدى الطريقتين اللتين ذكرنا.
وقول ابن خويز منداد عن مالك: إنها واحدة بائنة وإن كانت مدخولاً بها. بناءً على أنها لا تفيد عدداً كطريقة أبي مصعب، ولكن عنده البينونة تصح بعد الدخول بواحدة، فمن ها هنا افترقت طرقهم.