فلو قالت: اخترت الثلاث، أو اخترت نفسي، بانت بالثلاث، ولم يكن له أن يناكرها.
(وقال ابن الجهم: للزوج أن يناكرها في الثلاث، وتكون طلقة بائنة. قال ابن سحنون: وعليه أكثر أصحابنا. رواه ابن خويز منداد عن مالك، وحكى عن أبيه ما يشير إلى أنها تكون طلقة رجعية كالتمليك).
وإذا فرعنا على المشهور، فأوقعت طلقة واحدة، لم تقع. ثم هل يبطل ما كان بيدها بذلك، أو يبقى لها استئناف إيقاع الثلاث؟. قولان لابن القاسم وأشهب.
قال أبو الحسن اللخمي:((وهذا إن سبقت فقضت، وإلا فمتى خيرها في إيقاع الطلاق الثلاث في دفعة واحدة، فذلك ممنوع، وينزعه الحاكم من يدها إلا أن تسبق بالقضاء بالثلاث، فيمضي)).
وحكى الشيخ أبو الطاهر عن المتأخرين قولاً بجوازه، تمسكاً بآية التخيير.
وفرق القائل الأول بأن لفظ الآية يقتضي أنه صلى الله عليه وسلم المسرح، وأن لفظ السراح لا يقتضي الثلاث، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يندم، ولا يرتجع. هذا حكم التخيير في المدخول بها.
فأما غير المدخول بها إذا خيرها فقالت: اخترت نفسي، ولم ينو هو ولا نوت هي عدداً، فإن محمله منهما عند مالك على الثلاث. وإن نوت واحدة أو ثلاثاً، كان ذلك على ما نوت إذا لم يناكرها. فإن قضت بالثلاث، وقال: أردت واحدة صدق.
وقال ابن حبيب: قال أصبغ: إن نوت واحدة، فقال الزوج: لم أخيرك إلا في الثلاث، فله ذلك، ولا شيء لها. وكذلك لو لم تكن له نية.
فروع:
إذا ملكها الزوج أو خيرها كما تقدم، أو ملك غيرها، لم ينتقل بذلك الطلاق عن ملك الزوج، ولا خرجت العصمة من يده، بل للمملك أن يقضي فيه فقط، والعصمة باقية بيد