ووجه المشهور: أنه قد تيقن وقوع ثلم في النكاح، وأن هناك (تحريماً)، ولا يرفعه إلا الرجعة إذا كانت الزوجة مدخولاً بها، أو تجديد العقد إن كانت غير مدخول بها، وتلك الرجعة وذلك العقد مشترك في صحتهما أن يبقى بعض العصمة الأولى التي وقع الطلاق فيها، وبقاء بعضها مشكوك فيه، والشك في الشرط شك في (صحة) المشروط، فكل واحد من الرجعة والعقد المجدد مشكوك في صحته منه، فيبقى على الأصل المتيقن قبلهما، وهو التحريم والحاصل فيها بالطلاق الواقع عليها، ولم تبح له بالرجعة أو العقد المشوك في صحتهما.
وإذا فرعنا على المشهور، فتزوجها بعد زوج، ثم بت طلاقها في النكاح الثاني، حلت له بعد زوج غيره. ثم إن طلقها دون الثلاث، فله الرجعة وإن لم يبت طلاقها، فمتى طلقها ولو واحدة، لم تحل له إلا بعد زوج، ويتكرر ذلك عليه هكذا أبداً لدوران الشك.
وروي أنها تحل له بعد ثلاثة أزواج وتطليقتين، ويزول الشك فيها. وقاله أشهب وأصبغ.
وقال ابن وهب: إذا طلقها ثلاث تطليقات مفترقات، كان كما لو طلقها ثلاثاً مجتمعة، وترجع على ملك مبتدأ.
الحالة الرابعة: أن يحلف ثم يحنث، ويشك في المحلوف به (إذ) نسبه، فصارت يمينه أو عنده غير معلومة ما هي، فيؤمر بالتزام جميع الأيمان، إلا ما لم تجر عادته بالحلف به. وقيل: لا يؤمر بذلك.
فروع: في الشك في محل الطلاق
لو قال رجل: إن كان هذا الطائر غراباً فامرأتي طالق. وقال آخر: إن لم يكن غراباً فامرأتي طالق، وأشكل الأمر فيه، فقد حنثا جميعاً إلا أن يدعيا أن ذلك يقينهما ويحلفا عليه، ويكون منهما بحيث يتبين لهما، فيدينان ولا يحنثان، إلا أن يقولا: حلفنا على ما ظنناه، أو يقول ذلك أحدهما، فيحنث قائله منهما. وكذلك لو قال رجل: (إن كان غراباً فعزة طالق، وإن لم يكن غراباً فزينب طالق لزوجتيه.
وأطلق ابن المواز القول بأن من حلف يمين، ثم شك في بره أو حنثه، فهو حانث، ما لم تكن يمينه بالله عز وجل.
ومن طلق إحدى امرأتيه ونسي عينها توقف ليتذكر، ولا يعجل عليه بالإيقاف لرجاء التذكر، فإن طال الأمر ورفعتاه، ضرب له أجل الإيلاء.