الحالة الرابعة: أن يكون الماء حاضرا بين يديه في بئر، لكن ليس معه آلة يتوصل بها إليه، فيتيمم لأنه فاقد.
ولو وجد الآلة، لكن كان الماء في مهواة بعيدة، فإن اشتغل بالنزع فإنه الوقت، فروايتان. واختيار المغاربة أنه يشتغل بنزع الماء لوجوده، واختيار العراقيين أنه يتيمم لأن عدم القدرة على الاستعمال في الوقت كالعدم المطلق.
وكذلك لو كان الماء بين يديه يمكنه استعماله، لكن لو تشاغل باستعماله خرج الوقت لضيقه، فأولى بوجوب استعماله عند المغاربة لأنه واجد. وقال القاضي أبو محمد:" يتيمم، وحكاه القاضي أبو جعفر الأبهري رواية ".
فرع: لو وجد من الماء ما لا يكفيه لوضوئه أو لغسله لم يلزمه استعماله قبل التيمم، بل هو كالفاقد جملة.
السبب الثاني: أن يخاف على نفسه أو ماله السبع أو سارقا فله التيمم، وقيل: إن الخوف على المال لا يلحق بالخوف على النفس في الإباحة.
ولو وهب منه الماء، فقال القزويني: يلزمه قبوله، ليس له أن يتيمم ويترك القبول للمنة، لأنها لا تدرك في مثل هذا. وقال القاضي أبو بكر:" لا يلزمه القبول ".
وقال غيرهما: ولا يلزمه القبول إذا وهب ثمن الماء، فإن المنة فيه تثقل.
وقال ابن سابق: يلزمه قبول الماء قولا واحدا، بخلاف الثمن، فإنه لا يلزمه قبوله ويتيمم.
ولو بيع بثمن يجحف به لقلة دراهمه أو لكثرة الزيادة على ثمنه المعتاد، ولم يلزمه شراؤه. وبثمن المثل وما لا يجحف به، يلزمه، إلا احتاج إلى الثمن لنفقة سفره.
السبب الثالث: أن يحتاج إليه لعطشه في الحال، أو لتوقعه في المآل بأن يغلب على ظنه أنه لا يجد ماء، أو لعطش من معه، فله التيمم إن خاف العطش الذي يهلك. وإن خاف عطشا يمرضه، جرى على الخلاف فيمن خاف من استعمال الماء المرض، كما سيأتي في السبب الخامس.