وإنما (يجب) ملازمة مسكن النكاح، فلو طلقت بعد الانتقال لازمت المنتقل إليه، إلا أن يقصد بالانتقال إخراجها من مسكنها، حتى لا تعتد فيه، فقد قال في كتاب محمد فيمن اكترى منزلاً وانتقل إليه، فلما سكنه طلق زوجته، قال: ترجع إلى المسكن الذي كانت فيه.
قال أبو الحسن اللخمي: محمله على التهمة.
ولو أذن في سفره، (وطلق) قبل مفارقة عمران البلد، لم يكن لها الانصراف. ولو خرج بها إلى الحج فمات، فإنها ترجع من مثل اليومين والثلاثة ما لم تبعد أو تحرم فتنفذ.
قال محمد: بخلاف غير الحج، فإنها ترجع فيه، وإن أبعدت إذا وجدت ثقة، وكان يبقى لها بعد الرجوع بقية.
هذا إن كان السفر لغير الانتقال، فإن كان له، فتعتد في أقربهما، أعني ما فارقته وما أمته. وإن شاءت مكان الموت إذا أمكنها، فذلك لها، لأنها لما فارقت قرارها لم تتعوض عنه بعد، فأي مكان شاءت جعلته قرارها، إلا أنها تتوخى القريب منها.
وتلتزم البدوية مسكنها، ولا تفارق، إلا إذا رحل أهلها، ولم يمكنها المقام بعدهم، لما يلحقها من الضرر بمفارقتهم، ولا تنتقل مع أهل زوجها إذا أقام أهلها.
وتجوز مفارقة المسكن ليلاً بعذر ظاهر، كعورة منزل أو غيره، مما لا يمكنها المقام معه. ولها أن تخرج في حوائجها نهاراً، أو طرفي الليل.
النظر الثاني: فيما يجب على الزوج
وعليه أن لا يخرجها من ملكه، وكذلك في عدة الوفاة هي أيضاً أحق من الورثة والغرماء بمنافع مسكنها إذا كانت مملوكة له، ويستوي في ذلك اختصاصها بالملك إذا أدى كراءها مع تبعيتها لملك الرقبة، فإن لم يكن أدى الكراء (ففي الكتاب: ((لا سكنى لها في مال الميت، وإن كان موسراً)).
وروى محمد عن مالك: الكراء لازم للميت في ماله، ولا تكون الزوجة أحق بذلك، وتحاص الورثة في السكنى، وللورثة إخراجها، إلا أن تحب أن تسكن في حصتها وتؤدي كراء حصتهم. وإن نقد بعض الكراء سكتت في حصة ما نقد بأسره،