المحرم منفعة واحدة مقصودة، كما يطرد في كون المنافع بأسرها محرمة. وهذا النوع وإن امتنع بيعه لما ذكرناه من الوجهين، فملكه صحيح لينتفع مالكه بما فيه من منفعة مباحة.
فرع: لو تحقق وجود منفعة محرمة، ووقع الالتباس في كونها مقصودة، فمن الأصحاب من يقف في حكم جواز البيع، ومنهم من يكره ولا يمنع ولا يحرم. ويكفي من أمثلة هذا الأصل على اتساعها مسألة بيع كلب الصيد، فإذا بني الخلاف فيها على هذا الأصل، قيل: في الكلب من المنافع كذا وكذا، وعددت جملة منافعه، ثم نظر فيها. فمن رأى أن جملتها محرمة، منع ومن رأى جميعها محللة أجاز. ومن رآها متنوعة نظر: هل المقصود المحلل أو المحرم، ثم جعل الحكم للمقصود. ومن رأى أن منفعة واحدة منها محرمة وهي مقصودة منع أيضاً على ما تبين. ومن التبس عليه كونها مقصودة وقف أو كره كما تقدم.
ثم إذا (تقرر) اشتراط المنفعة فيكفي مجرد وجودها وإن قلت، ولا يشترط كثرة القيمة فيها ولا عزة الوجود، بل يصح [بيع] الماء والتراب والحجارة لتحقق المنفعة وإن كثر وجودها وقلت قيمتها.
ويجوز بيع لبن الآدميات، لأنه طاهر منتفع به. قال الشيخ أبو الطاهر:((وأجاز الأصحاب بيع السباع لأخذ جلودها)). ثم قال:((وهو إما بناء على القول بالكراهة فيها فتطهر جلودها بالذكاة، إما لأن الدباغ يبيح استعمالها)). وقال ابن حبيب: بيع جلود السباع والصلاة عليها حرام.
الشرط الثالث: أن يكون مقدوراً على تسليمه
فلا يصح بيع الطير في الهواء، والسمك في الماء، والأجنة والآبق والشارد والمغضوب، إلا أن يباع الآبق والشارد ممن [قد] وجدهما وحصلا تحت قبضته، والمغضوب من غاصبه ولم تبعد غيبة هذه عن مالكها، أو ثبت عنده بقاؤها على صفاتها، أو عرف ما انتقلت إليه، فيصح حينئذ بيعه لها.
ولا يجوز شراء الإبل المهملة في الرعي وإن رآها المبتاع، لأنه لا يدري متى تؤخذ وهي تستصعب. قال ابن القاسم: وأخذها خطر. وكذلك المهاري والفلا الصعاب بالبراءة، وهي كبيع الآبق.
وفي العتبية من رواية أصبغ عن ابن القاسم: ((أنه لا يجوز بيع الصعاب من الإبل وما لا