وإن علمت جملة الثمن وجهل تفصيله، ففي الكتاب في صحة هذا البيع: قولان.
ومثاله أن يشتري عبدين لرجلين في صفقة واحدة بثمن واحد، ولم يعين ما لكل واحد منهما منه، فلا يصح في أشهر قولي ابن القاسم لجهالة الثمن المختص بعبد كل واحد منهما عنده.
ورأى في قوله الآخر، وهو قول أشهب وسحنون، صحة البيع فيهما لأن كل واحد منهما يحدس قدر ثمن سلعته، فلا يكون التفاوت إلا يسيراً مما لا يفسد البيع، بل يقع معفواً عنه.
أما إذا جهلت جملة الثمن وعلم تفصيله فلا يمنع ذلك صحة البيع كما لو قال: بعتك هذه الصبرة كل صاع بدرهم، فإنه يصح وإن كانت مجهولة الصيعان، لأن تفصيل الثمن معلوم فينتفي الغرر عنه، وإن لم تعلم جملته.
وإذا تعين المعقود عليه لم يشترط فيه كيل ولا وزن، بل يكفي عيان صبرة الحنطة وسائر الحبوب، وكذلك كل ما المطلوب منه مبلغه وتتساوى الأغراض في آحاده.
قال الشيخ أبو الطاهر:((وعلى هذا يجوز بيع المكيلات والموزونات جزافاً)).
قال:((وأما المعدودات فإن قلت أثمانها جاز بيعها جزافاً، وإن كثرت أثمانها واختلفت آحادها اختلاف بينا كالثياب والجواهر وما في معنى ذلك لم يجز بيعها جزافاً)).
قال:((لأنها إذا طلبت آحادها وجملتها كان الغرر فيها من وجهين، فيمنع البيع لكثرة الغرر، بخلاف ما إذا كان المطلوب الجملة دون الآحاد فإن الغرر من وجه واحد، فيكون قليلاً، فلا يمنع صحة البيع)). قال:((وأما العين فإن كان مكسوراً أو مصوعاً فهو بمنزلة العروض يرجع إلى الحصر قدمناه. وينظر هل المطلوب آحاده أو مبلغه.
وإن كان مسكوكاً فها هنا جل أهل المذهب يرون أنه إذا كان التعامل فيه بالوزن جاز بيعه جزافاً، لأن المطلوب مبلغه، وإن كان التعامل فيه بالعدد لم يجز بيعه جزافاً، لأن المطلوب حينئذ آحاده ومبلغه)). قال:((وحكى القاضي أبو الحسن الكراهية. قال: ((ولعل الغرر قل عنده لما تماثلت الآحاد)).
قال: وانفرد أبو الوليد الباجي، فرأى أنه إن كان التعامل به بالعدد لم يجز الجزاف