حكم السكة الجارية ببعض مدن إفريقية: هل تكون بمنزلة المختلط، فيختلف: هل تباع بالأقل؟ وهل ينظر إلى الوزن أو القيمة؟
قال: فكان جوابه عن هذا أنها بخلاف المختلط، لأن ذلك يقصد ذهبه وفضته جميعاً، والمسكوك إنما يقصد ذهبه لا غير.
ثم قال: وهذه شهادة وأظنها لا تطرد فإن هناك ذهباً يسمى اللواتية يقصد ذهبه وفضته.
قال: وأما ما لا يخرج منه شيء، فلا شك أنه كالمنطار.
ولنختم هذا الركن بذكر خمس مسائل:
إحداهما: هل يمنع الاختلاط بالغش من جواز بيع الشيء بصنفه؟ وفيه قولان:
حكى الشيخ أبو إسحاق: المنع. قال بعض المتأخرين: ومقتضى الروايات الجواز.
وسبب الخلاف: النظر إلى صورة المماثلة، والحكم للغش بأنه تبع، فيطرح، أو ينظر إلى الحاصل من المغشوش، وهو دون ما في مقابلته، فيقع التفاضل.
ولا يمكن أن يقال: ينظر إلى قدر الخالص فتقع المعاملة بمثله، إذ الغش سلعة وقد لا تتحصل حقيقة الخارج، فيبطل التماثل من كل وجه.
فرع: وحكم المغشوش أن يكسر متى خيف المعاملة به. وإن لم يذهب الخوف كسره، فيبالغ في إذهاب ذلك. وإن لم يحصل إلا بالسبك سبك وأخرج خالصه.
المسألة الثانية: حكم المسافر يأتي إلى دار الضرب بتبر وهو مضطر إلى الرحيل وخائف من المطل. فهل يجوز أن يدفع فضة أو ذهباً ويأخذ وزن ذلك من صنفه مسكوكاً، ويدفع الأجرة؟ قولان: الجواز والمنع.
وقال أشهب في كتاب محمد: قال مالك: وهذا إنما كان حين كانت الذهب لا تنقش والسكة واحدة. وأما اليوم فلا، قد صار في كل بلد سكة يضربون فيها فليعطه جعله، وليضرب له ذهبه. وقال محمد: لما اتسع الناس بالضرب وزالت الضرورة لم تجز.
وينخرط في هذا السلك مسألة دار الإسقالة وهي المعاصر: يأتيها من معه زيتون، فيقدر قدر ما يخرج فيأخذه زيتاً ويعيطهم الأجرة.
ومسألة السفاتج وهي سلف الخائف من غرر الطريق، يعطى بموضع ويأخذ حيث يكون متاع الآخذ، فينتفع الدافع والقابض.