الفرع الثالث: أن يكون المتراطلان شريكين في حلي أو نقره، فيبيع أحدهما حصته بمثل وزنها من صنفها، فقولان: الجواز والمنع، وعلل المنع بأن الكسر يقتضي تحيفاً، وإن قل فلا تقع المساواة. وعلل أيضاً بأن المراطلة يطلب فيها أن يكون كل واحد من العوضين في كفه.
(قال بعض المتأخرين: وعلى هذا لا يجوز أن يتراطلا بصنجة يوزن بها كل واحد من العوضين ويلزم عليه أن لا تجوز مراطلة ما في الذمة إلا أن تجعل قضاء.
قال: وهذا هو مقتضى لفظ المراطلة. وهذه الصورة التي ذكرها في المراطلة بصنجة يوزن بها كل واحد من العوضين قد ذكر الإمام أبو عبد الله أنها اختيار بعض المتأخرين من شيوخه، قال الإمام: ((وهو احتياط منه على التحفظ من الربا، وحسم مادة الشكوك في التفاضل لأن الميزان قد (يكون) لا يتساوى الوزن في كفتيه جميعاً (كما يشاهد) في بعض الموازين، فبين الإمام أن اختيار هذه الصورة احتياط للتساوي، كما أن اختيار الصفة الأخرى احتياط للتناجز)).
وأما المبادلة فتختص بالمسكوكين، ويطلب أيضاً فيهما التساوي، إلا أنهم أجازوا أن يبدل اليسير بأوزان منه إذا كان القصد المعروف والتعامل بالعدد. ولذلك ثلاث صور:
إحداهما: أن يكون الأنقص أجود، فهذا لا يجوز قولاً واحداً لخروجه عن باب المعروف.
والثانية: أن تتساوى السكتان، فيجوز قولاً واحداً أيضاً لأن الفضل في أحد الطرفين.
والثالثة: أن يكون الأرجح أفضل، فقولان: الجواز لابن القاسم، وهو الأصل لأنه أبلغ في المعروف. والمنع لمالك، وعلل بوجهين: أحدهما ما قاله الشيخ أبو الحسن من أن الشرع منع جواز التفاضل بين الذهبين، فحصل الاتفاق على جواز بدل الناقص بالوازن من سكة واحدة، وبقي ما سواه على أصله. قال الإمام أبو عبد الله: وهذا يقوى على القول بمنع القياس على الرخص.
الثاني ما قاله (أبو الطيب بن خلدون من أن السكك يختلف نفاتها عند الناس، فتنفق مرة سكة ومرة غيرها. فمن التفت إلى الحال أجاز، ومن التفت إلى المآل منع).