بمعيار، أو باع بقائمة وزنها كذا، فإنه يجوز أن يقتضي مجموعة بمثل ذلك الوزن، وإن كانت أكثر عدداً. قال: وهذا أحد القولين أن الاقتضاء كالمراطلة.
قال الشيخ أبو الطاهر: وليس كما ظنه، الأصل أن العدد إنما يعتبر إذا لم يكن التعامل بالوزن. وإن تعاملا بالوزن فالعدد مطرح. هذا تمام باب الصرف، وقد نجز بنجاز أركانه.
النوع الثاني: في بيان أحكام الربا في المطعومات. والكلام فيه يتعلق بأطراف:
الطرف الأول: فيما يجري فيه الربا من الأطعمة.
وهو كل ما تحققت فيه علته. وقد اختلف أهل المذهب في أن الأعيان الأربعة المنصوص عليها هل تنفرد كل عين منها بعلة تختص بها، ويلحق بها ما شاركها فيها، أو تشترك كلها في علة متحدة شاملة لجميعها.
فأما من قال باختصاص كل عين بعلة، فقال: علة البر الاقتيات مع التوسع، علة الشعير الاقتيات مع ضيق الحال، وعلة التمر التفكه، وفيه معنى القوت، وعلة الملح إصلاح الأقوات، وهو أيضاً كالأدام فيها، فإن الخبز واللحم إذا لم يكن فيهما ملح نافرتهما الطباع. وهذه العل الأربع لا تنفك عن الإدخار.
وأما القائلون باتحاد العلة فإنهم اختلفوا في تحقيقها. فمنهم من قال: هي الاقتيات، وهو اختيار القاضي أبو إسحاق. ومنهم من قال: هي الإدخار. ومنهم من جمع بين الوصفين فاعتبر مجموعهما. قال بعض المتأخرين: وهذا هو المعول عليه في المذهب.
وأضاف القاضيان أبو الحسن وأبو محمد إليهما وصفاً ثالثاً، وهو كونه متخذاً للعيش غالباً.
وأنكر أبو الحسن اللخمي هذا، وقال:((إنما يحسن هذا التعليل لوجوب الزكاة، فإنها متعلقة بما هو أصل في العيش غالباً، ولهذا لم يوجبها في الجوز واللوز، وإن كان يحرم فيهما الربا، لأنهما وإن ادخراً فلا يدخران لأنهما أصل في العيش غالباً)). وأنكر أيضاً تعليل التمر بكونه متفكهاً به لأجل أنه كان في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوتاً.
هذا تخليص طريق الأصحاب في تحقيق علة الربا، فيجري حكم الأطعمة على اختلافهم في تحقيق العلة.
وينقسم الطعام بحسب ذلك ثلاثة أقسام: قسم اتفق أهل المذهب على أنه ربوي، وهو ما اجتمع فيه الأوصاف الثلاثة فكان مقتاتاً مدخراً متخذاً للعيش غالباً، كالحنطة والشعير والسلت