وحكى بعض المتأخرين جواز التحري مطلقاً من غير تقيد بوزن ولا يسارة، وهو بعيد جداً.
الفرع الثاني: وهو مرتب هو مما بعده من الأول:
وهو أن اللحوم متى تحريت أو وزنت، وبيع بعضها ببعض، فهل تعتبر نقية من العظم فيتحرى ما فيها منه حتى يسقط أو لا يلتفت إلى ذلك؟ قولان:
المشهور: نفي الالتفات إليه، لأنه موجود في أصل الخلقة، وبه قوام اللحم، فأشبه النوى في التمر.
والقول الثاني أنه شيء غير مقصود وهو مزال، فترك النظر فيه يؤدي إلى التفاضل. ذكره ذلك الشيخ أبو إسحاق.
(الفرع) الثالث: من سلكه. وهو أن البيض إذا قلنا بأنه ربوي، فأجزنا بيع بعضه ببعض تحرياً، فإن كان فيه بيض نعام فهل تتحرى ويسقط قشره، حتى لا يجوز بيعه، إلا أن يستثنيه بائعه؟ قولان.
والاستثناء لأنه كسلعة مع ربوي فلا يجوز بيعه وهي معه بصنفه. ونفى الاستثناء، لأنه غير مستقبل إلا بالقشر، ولا يمكن بقاؤه مفرداً، فهو من ضرورته، فيعطى حكم العدم أو حكم ما هو حافظ له.
الرابع: بيع الشاة بالشاة مذبوحتين:
وفي جواز ذلك تحريا قولان: وهما على ما تقدم من جواز التحري ومنعه، وفيه قول آخر أنه لا يجوز حتى يستثني كل واحد منهما جلد شاته، لأنه سلعة مع ربوي يقابل بمثله.
ولم يلتفت إلى هذا في القولين الأولين، لأن الجلد حافظ كما قيل في القشر، أولاً لأنه تبع، أو لأنه لحم، إذ يؤكل مسموطاً. وعلى هذا عول القاضي أبو الوليد.
الخامس: بيع الخبز بالخبز، ورطوبتهما مختلفة. وقد أجازوه تحرياً. واختلف في الذي يتحرى فيه:
فرواية المتقدمين تحري دقيقه. وقال بعض المتأخرين: إنما يتحرى الدقيق إذا كان الخبزان مما لا يجوز فيه التفاضل، فأما إن كان مما يجوز التفاضل بينهما كالقمح والذرة مثلاً، فلا يلتفت إلى الدقيق، ولكن تحرى الرطوبة في الخبز.