إحداها: القمح والشعير. والمنصوص في المذهب أنهما صنف ويلحق بهما السلت. وقال الإمام أبو عبد الله:((ولا يختلف المذهب في كون القمح والشعير والسلت صنفاً واحداً)).
ورأى ابو القاسم السيوري أن القمح والشعير جنسان. ووافقه على ذلك بعض من تأخر عنه تمسكاً بحديث عبادة بن الصامت. ورأوا أيضاً أن المنفعة متباعدة.
وتمسك أهل المذهب بما روي في الموطأ أن سعد بن أبي وقاص فني علف حماره، فقال لغلامه:((خذ من حنطة أهلك فابتع بها شعيراً، ولا تأخذ إلا مثله)).
وعن عبد الرحمن بن الأسود ومعيقب الدوسي مثله. وروى مسلم عن معمر بن عبد الله أنه أرسل غلامه بصاع قمح فقال:((بعه، ثم اشتر به شعيراً. فذهب الغلام فأخذ به صاعاً وزيادة بعض صاع. فما جاء معمراً أخبره بذلك، فقال له معمر: لم فعلت ذلك؟ انطلق فرده، ولا تأخذ إلا مثل بمثل)).
وهذا دليل على أن الأمر كان عندهم فاشياً بأنهما جنس واحد.
وأما حديث عبادة فقال القاضي أبو الوليد:((ليس بالثابت)). ثم إن صح سنده ففيه وهن الانفراد إذ أكثر الطرق عارية عنه.
وأما ما ذكروه من تباعد المنفعة فنظر منهم إلى الرفاهية الحاصلة بالحنطة، وهي غير مقصودة قصداً شرعياً، إنما المقصود من الصنفين الاقتيات.
وتكلم مالك رحمه الله على عادة أهل الحجاز، لأن الأحكام عليهم أنزلت أولاً، والناس