وعبر الإمام أبو عبد الله عن هذا المقصود بأمان ما كان من الغرر نزراً يسيراً غير مقصود، وتدعو الضرورة إلى العفو عنه فلا يؤثر في فساد البيع، ورأى أن هذا هو المتفق عليه، وأن (الخلاف) بين العلماء في المسائل المشتملة على الغرر راجع إلى هذا الأصل، فمن أجاز قدر أن الغرر فيما يسأل عنه غير مقصود، ومن منع قدر أن الغرر مقصود.
إذا قرر هذا فقد ورد النهي عن بياعات بسبب اشتمالها على الغرر. فمن ذلك: بيع المضامين والملاقيح حبل وحبلة.
(وفي الموطأ ((أن المضامين ما في بطون إناث الإبل، والملاقيح ما في ظهور الجمال)).
وقال ابن حبيب: المضامين ما في ظهور الفحول، والملاقيح ما في بطون الإناث، ولا يضر اختلاف التفسيرين، فإن البيعين فاسدان.
وأما حبل حبلة، ففي الموطأ أنه كان بيعاً يتبايعه أهل الجاهلية، كان الرجل يبتاع الجزور إلى أن تنتج الناقة ثم تنتج التي في بطنها.
وقال ابن حبيب: حبل الحبلة بيه نتاج نتاج الناقة، ورواه عن مالك).
فالتفسير الأول يرجع إلى جهالة الأجل، والثاني يرجع إلى أن المبيع ليس بمملوك ولا معلوم ولا مقدور على تسليمه. وكذلك المضامين والملاقيح إلا أن وصف الملوكية لا ينتفي عما في البطن إذ ملكه تابع للملك أمه.
ومنه: بيع الملامسة، وهو أن يلمس الثوب، فليزمه البيع بلمسه وإن لم يتبينه. ومنه: بيع المنابذة، وهو أن ينبذ ثوبه إلى الآخر، وينبذ الآخر ثوبه إليه، فيجب البيع بذلك. ومنه: بيع الحصاة، وصفته أن تكون بيده حصاة فيقول: إذا سقطت من يدي فقد وجب البيع. وقيل: تكون ثياب عدة، فيقول على أيها سقطت الحصاة فقد تعين.
قال الإمام أبو عبد الله: لو كان المراد إسقاط الحصاة باختياره لكان كبيع خيار إذا قدر في ذلك أجلاً يجوز الخيار إليه. قال: وكذلك إذا أراد إن سقطت الحصاة على ثوب بعينه، فقد