ووقف في الجواب عند هذا وتممه محمد فقال: لا يرد به، ولكن يرجع بقيمة العيب إذا كان يسيراً. قال: وكذلك في كل عيب.
قال الإمام أبو عبد الله: وهذا الذي ذكره محمد هو الظاهر. والمراد بما أطلقه في الكتاب، فقد قال في كتاب القسم منه:((إن أحد الشريكين إذا اطلع فيما صار إليه بالانقسام في الربع على عيب يسير قضى له بقيمته)). قال الإمام: وقد أكثر المتأخرون القول في الفرق بين الديار وما سواها من المبيعات. وذكر عنهم فروقاً عديدة، وقدح فيها. ثم قال: والنكتة التي يحوم الجميع عليها اعتبار الضرر بالعيب وحصوله والنظر في مقداره فيما يخف ويكثر. قال: وقد ذهب بعض الأندلسيين إلى أن الدور ترد بالعيب اليسير كسائر السلع. قال: وهذا هو مقتضى القياس والظاهر، وإنما سلك الآخرون ذلك لما تقدم من اختلاف أحوال المبيعات في حكم الضرر بالعيب ومقداره.
فرع مرتب:
إذا اعتبرنا الفرق بين اليسير والكثير، وقلنا: إنها لا ترد باليسير فما هو اليسير؟.
اختلف المتأخرون في مقداره قال بعضهم: هو ما كان لا يأتي على معظم الثمن. وقال غيره: اليسير فيه ما نقص عن الثلث.
وأشار غيرهما إلى اعتبار كون العيب شاملاً لجميع الدار من جهة التأثير والقصد، كبطلان بئرها بطلاناً لا ينصلح أو (مأجلها) أو سقفها أو قناتها. ورأى أن ما كان كذلك يوجب الرد، لأنه (كعيب) استولى على الكل.
الفرع الثاني: في حكم العيوب التي لا يمكن أن يطلع عليها إلا بعد تغير هيئة المبيع كخشبة تشق فيوجد باطنها عفناً أو مسوساً. وكذلك الجوز والتين وشبه ذلك. وكذلك جلود اشتريت فلم يمكن الاطلاع على ما فيها من عيب إلا بعد دباغها. فما كان من هذا الجنس فلا يثبت للمشتري خيار الرد به في الرواية المشهورة.