ما لا ينقصه الاستعمال كالدار وشبهها، فلا يلزمه إخلاؤها، بل يبقى على استعمالها، وهو يخاصم لأن ذلك غلة وخراج، والخراج بالضمان، وضمانها منه.
وأما الحيوان فإن كان جارية (فيترك) وطأها، لأن الوطء إنما يباح فيما يستقر ملكه فليس له وطؤها وهو يرد نقض البيع فيها.
وأما الحيوان غير الجارية من عبد أو دابة فالمشهور أنه يترك استعمالها. وذهب ابن حبيب إلى أنه لا يمنع من استخدام العبد وركوب الدابة قياساً على (العقار)، لأن الخراج له والنفقة عليه، فلا يمنع من الانتفاع بالمبيع.
وإذا فرعنا على المشهور فلينزل على الدابة إن كان راكباً، إلا أن يتعذر عليه القود، فيعذر في الركوب إلى مصادفة الخصم أو القاضي، على الخلاف المتقدم.
المانع الرابع: زوال العيب قبل القيام به، فيسقط به حق الخيار. إلا إذا بقيت علقته كطلاق الزوج الأمة قبل علم المشتري به، فإن ذلك لا يسقط حقه من الرد إذ تبقى علاقة الزوج بها وتعلق قلبها به. وكذلك كل ما تبقى له علقة أو لا تؤمن عودته، فإن أمنت عودته ولم تبق له علقة، فلا خيار للمبتاع في الرد به.
الصنف الثاني: ما يمنع (من) الرد على وجه دون وجه. وهو تغير ما يحدث في المبيع. وليس كل تغير يمنع.
فلنفصل ضروب التغير، وهو على ثلاثة أضرب:
الأول: ما يؤثر في المبيع تأثيراً بغير المقصود منه حتى يصيره كأنه ليس بالعين المبيعة.
وهذا يلحق بالعيوب المفيتة للرد على الإطلاق إذ ذلك في معنى تلف العين لأن المقصود من الأعيان المنافع.
الضرب الثاني: ما لا يؤثر تأثيراً له بال فيسقط حكمه ويكون وجوده كعدمه.
الضرب الثالث: ما يؤثر تأثيراً له بال إلا أنه لا يغير المقصود من العين. وهذا هو المقصود بالكلام عليه الآن فيكون المبتاع فيه بالخيار بين أن يتماسك بالبيع ويأخذ أرش العيب القديم، أو يرده مع أرش العيب الحادث عنده، إلا أن يقبل البائع المبيع بالعيب الحادث بغير أرش فلا يلزمه دفع الأرش إن تمسك المبتاع بالمعيب وطلب الأرش.
وحكى ابن مزين عن عيسى بن دينار أنه لا يسمع من البائع ذلك بل يبقى المبتاع على خياره.