وذلك ما فيه حق توفية من كيل أو وزن أو عدد، وما كان غائباً عن مرأة المتعاقدين حالة العقد عليه، على التفصيل المتقدم. وما بيع من الثمار على رؤوس النخل قبل كمال الطيب.
وبالجملة، فكل ما لا يضمن قبل القبض فإنه يضمن بالقبض. ويستثني من ذلك ما بيع من الرقيق، حتى يخرج من عهدة الثلاث، وما بيع من الإماء مما فيه المواضعة حتى يخرج منها.
وما سوى الرقيق من الحيوان والعقار والعروض المقصود أعيانها فالعقد عليه كاف في نقل الضمان فيه إذا كان متعيناً متميزاً.
وقال الإمام أبو عبد الله: هكذا يورد أصحابنا نقل المذهب إيراداً مطلقاً. والذي تحقق من مذهبنا أن البائع إذا أمكن المشتري من قبض المبيع فتركه اختياراً سقط الضمان عن البائع.
ويقدر بقاء المبيع في يده بعد التمكين، كقبض المشتري له ورده إليه على جهة الوديعة. قال: ومن المتأخرين من يحكي عن المذهب الاختلاف في الضمان مطلقاً، ولو كان البائع لم يمنع المشتري من القبض.
فإن قيل: هل يشترط القبض في التسليط على التصرف بالبيع وغيره؟ قلنا: أما سائر وجوه التصرفات سوى البيع فلا يقف على القبض، وأما البيع فيختلف حكمه باختلاف الأعيان المبيعة وهي ضربان: طعام وغير طعام، فغير الطعام والشراب من سائر المبيعات من العروض والعبيد والحيوان والعقار، وما ينقل ويحول أو لا ينقل ولا يحول فبيعه جائز قبل قبضه في الجملة ما لم يعرض فيه ما يمنع منه.
وأما الطعام فقد ورد النهي عن بيعه قبل قبضه، فلا يجوز فيما تعلق به منه حق توفية من كيل أو وزن أو عدد أن يباع قبل قبضه أو يعاوض عليه، إلا أن يكون على غير وجه المعاوضة كالقرض والبدل فيجوز. ثم لا يجوز لمن صار إليه ذلك أن يعاوض عليه قبل قبضه.
وأما ما ابتيع منه جزافاً أو مصبراً فبيعه جائز قبل نقله إذا خلى البائع بينه وبينه.
والمشهور من المذهب: أن المنع من بيع الطعام قبل قبضه خاص بجنس الطعام وعام فيه، فلا يعدوه إلى غيره ولا يقتصر على بعضه. ورأى ابن حبيب أنه يتعدى إلى كل ما فيه حق توفية. وأشار ابن وهب في روايته إلى تخصيصه بما في الربا من الأطعمة خاصة.