ودفع الثمن فقط. وأما على قول أشهب فيضمن أحدهما بالقيمة إذ لا بد من رده، والآخر بالأقل من الثمن أو القيمة، إذ هو قادر على أن يلتزمه بالثمن وعلى أن لا يسلتزمه فيرد القيمة، لكن إن كانت القيمة أقل حلف: لقد ضاع، ودفعها، لأنه أقر بأنه لم يختر الإمضاء.
وذهب ابن حبيب إلى طريقة أشهب في كون المبتاع ضامناً للثوبين جميعاً، وذكره عن أصحاب مالك. وقال: إنه ليس بأمين في واحد منهما لما أخذهما ليختار أحدهما، لكنه إنما ضمنه إياهما بالثمن. وإن ادعى ضياع أحدهما جرى حكم ضمانه على ما تقدم.
فعلى قول ابن القاسم يضمن نصف ثمن التالف، لتردده بين أن يكون هو المشتري بالخيار فتلزمه جملة ثمنه، أو يكون هو الذي على حكم الأمانة فلا يزمه فيه شيء، فقسم الثمن لاعتوار حالتي الثبوت والسقوط عليه. وعلى قول أشهب: يضمن الضائع كله، (لأنه) يضمنهما جميعاً إذا ضاعا. قال أشهب في غير كتاب محمد، فإن أخذ الباقي كان عليه بالثمن والتالف بالقيمة، وإن رده فعليه التالف بالأقل من الثمن أو القيمة.
وإذا فرعنا على قول ابن القاسم أنه يغرم نصف التالف، فله عنده أن يختار كل الباقي.
وقال محمد: ليس له أن يختار إلا نصفه.
وسبب القولين: تغليب حكم التلف أو تغليب حكم الإمساك.
وأما الصورة الثانية فتجري على الخلاف المتقدم. فعلى قول ابن القاسم: يضمن واحداً.
وعلى قول أشهب وابن حبيب: يضمن الاثنين. وعلى قول ابن القاسم الآخر: يضمن الراغب منهما، على ما تقدم.
فإن شهدت البينة بالضياع فلا بد من ضمان واحد، لأنه لازم للمبتاع، ويحلف في الثاني. على قول ابن القاسم: لا ضمان فيه.
وأما على أصل أشهب القائل بأن ما أخذ على الضمان لا يرتفع ضمانه بقيام البينة فيضمن، وإن ضاع أحدهما فقولان.
أحدهما: أن التالف منهما، والسالم بينهما، وعليه نصف ثمنها.
والقول الثاني: إنه يلزمه نصف التالف، وله أن يرد الباقي. فجعله بمنزلة ما إذا أخذهما، ليختار في العقد والتعيين.
وأما الصورة الثالثة: فإن ضاعا ضمنهما إن لم تقم بينة. فإن قامت بينة بضياعهما ضمن واحد بغير خلاف في المذهب. وعلى مذهب ابن القاسم يسقط عنه ضمان الآخر. ويضمنه على مذهب أشهب. فإن ضاع أحدهم جرى الأمر في ضياعه على ما تقدم.