وسبب الخلاف: شك الراوي. ففي المشهور: جعل الخرص أصلاً إلا في محل تيقناً فيه المنع. وفي رواية أبي الفرج: بقاء على أصل المنع، حتى يتيقن النقل عنه.
وإذا تقرر المنع فيما زاد عليها، فلو تعدد المشتري أو البائع لجاز، وإن اتحد الشق الآخر، فإن اتحدا وتعددت الحوائط وقد أعراه من كل حائط قدر العرية، فقال الشيخ أبو محمد:((هي كالحائط الواحد لا يشتري من جميعها أكثر من خمسة أوسق)). وتابعه على ذلك أبو بكر بن عبد الرحمن.
وقال الشيخ أبو الحسن: يجوز أن يشتري من كل واحد خمسة أوسق. وقال أبو القاسم بن الكاتب: إن كانت العرايا بلفظ واحد فهي كالحائط الواحد، وإن كانت بألفاظ في أزمان متغايرة، فيجوز أن يشتري من كل واحد خمسة أوسق.
وأما محلها من الثمار فالنخل والعنب محل ورودها. واختلفت الرواية في القصر عليها أو التعدية. والرواية المشهورة تعديتها إلى ما ييبس ويدخر من الثمار. وجعلوا ذلك علة الحكم في محل النص، وناطوا الحكم به وجوداً وعدماً، حتى قالوا: لو كان البسر مما لا يتمر و (العنب) مما لا يصير زبيباً لم يجز (اشتراء) العرية منه بخرصها، بل تخرج عن محل الرخصة لعدم العلة.
وأما كيفية بيعها، فبيعها جائز بالدنانير و (الدراهم) والعروض ونحو ذلك من المعري وغيره، كانت قليلة أو كثيرة، مما ييبس ويدخر، أو مما لا ييبس ولا يدخر. وإنما محل الرخصة في بيعها مما يختص به المعري أو من ينزل منزلته في ملك بقية ثمن الحائط، ببيع أو هبة أو ميراث من شرائها ممن أعراها أو ممن انتقلت إليه عنه بأحد الأوجه المذكورة بخرصها من جنسها (يقبضها) عند الجداد، فهذا محل الرخصة في بيعها.
وأما علة الرخصة، فقال ابن الماجشون: هي رفع الضرر عن المعري بدخول المعري الحائط وتكراره إليه لأجلها. وقال غيره: العلة قصد المعروف والإحسان. وعلل مالك وابن القاسم بهما جميعاً.