والضرب الثاني: يحتاج [إلى ذلك]، لبقاء رطوبته ونضارته كثمرة العنب إذا اشتريت بعد انتهاء طيبها، وكالبقول والقصيل، والأصول المغيبة من الجزر و (السلجم) والبصل والثوم.
فأما الضرب الأول، فلا خلاف عندنا في وضع الجائحة فيه، كما لا خلاف في أن ما لا يحتاج إلى بقائه في أصله لتمام صلاحه ولا لبقاء نضارته، كالتمر اليابس والزرع، لا جائحة فيه لأن تسليمه قد كمل، فصار بمنزلة الصبرة الموضوعة بالأرض.
وأما الضرب الثاني من الضربين الأولين، وهو المحتاج إلى البقاء في أصله لحفظ نضارته كالعنب المشترى بعد تمام صلاحه وما ذكر معه)، فقال القاضي أبو الوليد: مقتضي رواية أصبغ عن ابن القاسم: أنه لا يراعى البقاء لحفظ النضارة وإنما يراعى تكامل الصلاح)). قال:((ويجب أن يجري هذا المجرى كل ما كان هذا حكمه، كالقصيل والقصب والبقول والقرظ، فلا توضع جائحة في شيء في ذلك)). قال:((ومقتضى رواية سحنون: أن توضع الجائحة في جميعه)).
ويتم المقصود من النظر في أحكام الجوائح بذكر فروع:
الأول: أن ما انتقل مما فيه الجائحة على وجه البيع المحض مفرداً عن أصله فالجائحة فيه موضوعة. فأما ما كان مهراً في نكاح فاختلف فيه أصحابنا:
فقال ابن القاسم: لا جائحة فيه، لأنه عقد لا يقتضي المغابنة والمكايسة، وإنما يقتضي المواصلة والمكارمة، ووضع الجائحة لن يرد في ذلك. وقال ابن الماجشون: فيه الجائحة، وقاسه على البيع بجامع الرد بالعيب).
الفرع الثاني: (من اشترى عريته، فقال مالك وابن القاسم وابن وهب: توضع فيها