البيع على كون الثمن حالاً والمشتري يدعي خلافه. فالأصل فيه أنه جار مجرى الاختلاف في مقدار الثمن كما تقدم في الحال الثالث، إلا أنه قد اعتيد الشراء بالنقد في بعض السلع، حتى صار ذلك العرف فيها. فإن ثبتت عادة في مبيع ما تصرف عن الأصل، وإلا فالرجوع إليه.
ولهذا نزل بعض المتأخرين ما وقع من الاختلاف بين الأصحاب في ذلك على شهادة بعادة. وقيل: القول قول البائع، وهو بناء على أن العادة التعجيل. وقيل بالتفرقة بين بعيد الأجل وقريبه، فيكون القول في دعوى الأجل البعيد قول البائع، و [في] دعوى القريب يتحالفان ويتفاسخان، كالاختلاف في قدر الثمن، وكذلك إن اتفقا في أصله واختلفا في قدره فهو كالاختلاف في قدر [الثمن].
وأما إن اتقفا في أصله وقدره واختلفا في انتهائه فالقول فيه قول من أنكر تقضيه.
وأما الحال الخامس منه، وهو الاختلاف في قبض الثمن، فالأصل أن الثمن باق بيد المبتاع والمثمون باق بيد البائع حتى يثبت الانتقال عن يد ذلك بيده، إما بالبينة وإما بعادة مستقرة، وقد استقرت في بعض المبايعات بالقبض كالبقل واللحم وشبههما، يشتري من أصحاب الحوانيت، فإذا قبضها المشتري وبان بها، فالقول قوله في دفع ثمنها. وفي تصديقه إذا قبضها ولم يبن بها، خلاف سببه الشهادة بالعوائد.
وأما الحال الأول من القسم الثاني، وهو الاختلاف في دعوى الخيار والبت، فروي عن ابن القاسم تصديق مدعي البت. وعن أشهب تصديق مدعي الخيار. وبنى المتأخرون هذا (الاختلاف) على القول بتبعيض الدعوى.
وأما الحال الثاني منه، وهو الاختلاف في دعوى الصحة والفساد، ففي الكتاب:((أن القول قول مدعي الصحة مطلقاً من غير تفصيل))، لكن نزل المتأخرون على أن الاختلاف في ذلك لا يؤدي إلى الاختلاف في زيادة الثمن ونقصانه.
فأما إن أدى إلى ذلك فحكمه حكم الاختلاف في قدر الثمن. قالوا:((وأما لو كان لا يؤدي إلى ذلك كقول أحدهم: لم أر المبيع، أو وقع البيع وقت الجمعة، وشبه ذلك، والآخر ينكره، فالمذهب: القول بالصحة)). قالوا: ((لأنه الأصل في التعامل بين المسلمين.