الأول: إنه لا يجوز أن يسلم في نسل حيوان بعينه وإن وصفه صفة تحصره، نفذ أو لم ينفذ. وقال أبو القاسم السيوري: إذا لم ينفذ وشرط أنه إن سلم ووافق تم البيع، وإلا لم يتم، جرى على قولين تخرجا من مسألة كراء الأرض الغرقة. وكذلك من اشترى ما يخرج من شيء واشترط التمام إن خرج على صفة ولم ينفذ فيه الخلاف أيضاً، وينخرط في هذا السلك السلف في حديد معدن بعينه أو صوف غنم وألبانها، وما أشبه ذلك.
فأما لو كانت الإشارة إلى نعم كثيرة لا يتعذر الشراء منها لمن أراد، وإنما أشير إليها لمعنى انفردت به لجاز السلم في نسلها إذا وصف.
وكذلك يجري الحكم في ما ذكرناه من الحديد والغلات وما جرى مجرى ذلك.
الفرع الثاني: السلف في تمر موضع مشار إليه، وله ثلاث صور:
الأولى: أن يكون حائطاً بعينه. فهذا حكمه حكم البيع. والنص على أنه يلزمه، إن كان البيع بعد أن أزهى وصار بسراً على أن يأخذ بسراً أو رطباً ويضرب أجلاً لا يتمر إليه ويسمى ما يأخذ كا يوم. ولا يشترط أن يأخذ كل يوم ما شاء. ولو (اشترط) أخذ الجميع في يوم سماه لجاز. وقال بعض المتأخرين: إن سموه بيعاً لم يلزم ذلك فيه، وإن سموه سلماً لزم.
الصورة الثانية: عكس الأولى، وهي أن يسلم في تمر مصر عظيم. فهذا حكمه حكم السلم المحض، فيجوز، وإنما يشار إلى الموضع، لكونه كالصفة لما يسلم فيه، كما تقدم في الحيوان.
الصورة الثالثة: أن تكون القرية الصغيرة، وهذه الصورة قد أعطوها حكم السلم في اشتراط النقد وفي جواز السلم لمن لا يملك فيها تمراً على خلاف بين المتأخرين في هذا الوجه خاصة، وأعطوها أيضاً حكم الحائط بعينه، في أنها لا يجوز السلم فيها إلا بعد الزهو، وفي أن العاقدين يؤمران أن يشترطا أخذ ما أسلما فيه قبل بلوغه إلى أن يصير تمراً، وفي اشتراط تسمية ما يأخذ كل يوم كما تقدم.
الشرط الثالث: أن يكون المسلم فيه مؤجلاً، لئلا يكون من بيع ما ليس عند الإنسان (وروى ابن وهب وابن عبد الحكم جواز السلم إلى يومين أو ثلاثة. وزاد ابن عبد الحكم عنه