وأما حكم القرض فهو التمليك وإن لم يتصرف. فلو أراد الرجوع في عينه لم يكن له ذلك إلا بعد انتهاء المدة المحددة للانتفاع بالشرط أو بالعادة.
وكذلك لو طلب العوض عنه. فإن قيل: المقرض ماذا يؤدي؟ قلنا: المثل في المثليات، وفي ذوات القيم أيضاً للحديث:((استقرض رسول الله صلى الله عليه وسلم بكراً ورد (بازلاً)).
خاتمة: بذكر المقاصة في الديون.
والمعتبر في أنواع المقاصة جنس الدينين في تساويهما واختلافهما وسببهما: في كونهما من سلم أو قرض، أو أحدهما من قرض والآخر من سلم، وأجلهما في الاتفاق والاختلاف والحلول في أحدهما أو كليهما أو عدمه.
ومما تنبني عليه أحكام المقاصة أيضاً أن المؤجل (من الديون) إذا وقعت المعاوضة عنه هل يعد كالحال أو يجعل من هو في ذمته كالمسلف عنها ليأخذ منها إذا حل الأجل؟
ومنها أن الصور إذا تصور فيها مبيح وقصد إلى التعامل عليه، وتصور مانع هل يعطى الحكم للمبيع أو للمانع؟
وعليه اختلاف ابن القاسم وأشهب إذا كان الطعامات من سلم واتفقت الآجال ورؤوس الأموال: هل تجوز المقاصة وتعد إقالة؟ وهو مذهب أشهب، أو تمنع وتعد بيع الطعام قبل قبضه؟. وهو مذهب ابن القاسم. وعلى ما قدمناه تجري أحكام المقاصة بالديون.
وقد جمعت المقاصة المتاركة والمعاوضة والحوالة وما يقع فيها من الخلاف، فالجواز تغليب للمتاركة، والمنع تغليب للمعاوضة أو الحوالة، ومتى قويت التهمة وقع المنع، ومتى فقدت فالجواز، وإن وجدت ضعيفة، فالقولان على ما تقدم من مراعاة التهم البعيدة.
ولنبين ما أجملناه من أحكامها بتفضيل ذكره بعض المتأخرين واستوفى الكلام عليه، فلنورد ما ذكره، ونبدأ بحكم الدينين إذا كانا غينا من بيع فنقول: إن تساويا صفة ومقداراً وحل الأجلان أو كانا حالين فلا خلاف في الجواز، إذ لا يتصور ها هنا منع لوجه. وإن اختلف الصفة والوزن، أو اختلفت الوزن، وإن اتفقت الصفة فلا يختلف في المنع، إذ هو بدل العين بأكثر منه.