* والتفرقة بين أن يحل المسلم فيجوز، أو يحل القرض ولا يحل المسلم فيمنع.
والجواز نظراً إلى حقيقة الإقالة، والمنع نظراً إلى صورة المبايعة. واختلاف الأجلين في الحلول أو عدم حلولهما يقتضي اختلاف الأثمان، والذمم أيضاً تختلف.
والتفرقة لأن الأجل في السلم مستحق من الجهتين: جهة البائع وجهة المشتري، فهو مقصود وله قسط من الثمن، والأجل في القرض منفعة من جهة المعطي لا من جهة الآخذ فكان غير مقصود ولا له قسط من الثمن.
وأما إن كان الدينان عرضين، فإن استويا في الجنس والصفة فالمقاصة بينهما جائزة على الإطلاق، من غير التفات إلى تماثل الآجال أو اختلافهما، ولا إلى تساوي الأسباب أو تباينها، وهذا لأنه لا غرض ها هنا يقتضي التهمة على القصد إلى الوقوع في بعض المحرمات التي تقدم ذكرها، لكون المتاركة ها هنا والمباراة لا يظهر فيها قصد إلى المكايسة والمغابنة في التعارض.
وأما إن اختلفا في الصفة مع اتفاقهما في الجنسية، فإن اتفق أجلهما جازت المقاصة، لأن اتفاق الأجل تضعف معه التهمة بالقصد إلى التكايس.
وأما إن اختلفت الآجال ولم يحلا فالالتفات ها هنا إلى تنوع الأسباب، فإن كان الدينان من مبايعة منعت المقاصة إذا كان أحد الدينين أجود من الآخر لأنا نمنع في العرض إذا كان ديناً مؤجلاً أن يعجل ما هو أدنى منه لأن ذلك: ضع وتعجل، أو يعجل ما هو أجود منه لأن ذلك معاوضة على طرح الضمان.
وكذلك إذا كانا من قرضين، فإن أحدهما إذا كان أجود من الآخر صار من قبل الأدنى من حقه رضي بتعجيل بعض حقه وإسقاط باقيه.
وإن كان مختلفي الأسباب أحدهما من بيع والآخر من قرض، فإن كان ما حل منهما أو ما هو أقرب حلولاً هو القرض لم تجز المقاصة على حال، لأن الذي حل أو كان هو الأقرب حلولاً إن كان خيراً من المبيع فقد حط الضمان الذي يجب عليه في السلم بما بذله من زيادة القرض الذي له، وإن كان القرض الذي حل هو الأدنى فقد وضع من السلم الذي له على أن عجل له.
والضابط لهذا الباب أن ما حل أو كان أقرب حلولاً كالمقبوض المدفوع عن الدين الآخر الذي يتأخر حلوله، فيعتبر هل يوقع في أحد هذين الوجهين الممنوعين، فيمنع منه أو لا يوقع في أحدهما؟.