فإن انفصل الولد ميتًا فلا ضمان، وكذلك لو انفصل حيًا ثم قتل قبل القيام، إلا أن يأخذ الواطئ فيه دية فيكون عليه الأقل منها أو من قيمته حياً.
فرع: في بيان الفرق بين الغاصب والمتعدي.
قال في الكتاب:"والمتعدي يفارق الغاصب في جنايته، لأن المتعدي إنما جنى على بعض السلعة، والغاصب كان لجميعها غاصبًا فضمنها يومئذ بالغصب، فلو تعدى رجل على صحفة أو عصا فكسرها، أو خرق ثوباً، فإن كان ما صنع قد أفسد ذلك فسادًا كثيرًا فربه مخير في أخذ قيمة جميعه أو أخذه بعينه ويأخذ ما نقصه من المتعدي. فإن كان الفساد يسيرًا فليس له إلا ما نقصه بعد رفء المتعدي للثوب. وقد كان مالك يقول: يغرم ما نقصه ولا يفصل بين قليل أو أكثر".
ثم قال:"هكذا، وسواء كان ثوبًا أو حيوانًا أو غيره".
وقال أشهب في الفساد الكثير: إنما له أن يضمنه قيمة جميع الثوب أو يأخذه بنقصه، ولا شيئ له مما نقصه. وقاله ابن القاسم مرة، ثم رجع عنه.
وإذا فرعنا على الأول ففي معنى الفساد ما أتلف الغرض المقصود من العين عادة، وإن كانت الجناية في الصورة المشاهدة يسيرة، (مثل أن يقطع ذنب الدابة أو أذنيها، فلا يمكن من جهة العادة الانتفاع بها من الوجه المقصود منه، مما يركب مثله القضاة وذوو الهيئات. رواه ابن حبيب عن مطرف وابن المجشون وأصبغ).
وهكذا إذا جنى على القلنسوة (أو) الطيلسان والعمامة جناية يعلم أن صاحبها ذا الهيئة والمروءة والمنزلة لا يلبسها على تلك الحال.
وإن كان قد أتلف على المالك المنفعة المقصودة من العين فقد صار كمتلفها جملة بالإضافة إلى مقصوده، إذ الأعيان إنما تقصد وتقتني لمنافعها، فذهاب المنفعة المقصودة من العين التي اقتنيت من أجلها كذهاب العين جملة.