وقال الأستاذ أبو بكر: وهذا أصل مختلف فيه بين ابن القاسم والمدنيين فعند ابن القاسم يحمل الإطلاق على العرف وإن كان العرف فاسداً. وعند ابن الماجشون وغيره من المدنيين: لا حكم للعرف الفاسد، وإنما التأثير للعرف الصحيح. ثم في معنى الاستيفاء التمكين منه، فإذا حصل التمكين فالأجرة مستحقة، استوفيت المنفعة أم لا.
ولما كانت الأجرة كثمن المبيع وجب أن يراعى فيها شرائطه، ف لو آجر داراً بعمارتها وهي غير معلومة لم يجز. وكذلك إن استأجرها بدراهم معلومة، فشرط صرفها إلى العمارة بعمل المستأجر، وعمله غير مضبوط بلفظ أو إعادة لم يجز أيضًا. ولو كانت الأجرة صبرة مجهولة جاز كما في البيع.
ولو استأجر السلاخ بالجلد، والطحان بالنخالة، والنساج بجزء من الثواب، لم يجز، إذ لا يدري كيف يخرج، ولأن ما استأجره به لا يسلمه إليه بعد مدة. ولا يجوز ذلك في المعين إذا خيف منه الغرر.
وإن آجرته على تعليم العبد الكتابة أو القرآن سنة وله نصفه لم يجز، إذ لا يقدر على قبض ذلك قبل السنة وقد يموت العبد فيها فيذهب عمله باطلاً.
ويجوز أن يؤاجر على تعليم العبد الخياطة أو القصارة أو غيرها بأجر مسمى، أو بعمله سنة. قال غيره: وبأجر مسمى أجوز. قال يحيي. والسنة محسوبة من يوم أخذه.
ولو قال: احصد زرعي هذا ولك نصفه، أو جد تمري هذا ولك نصفه، فلك جائز، وليس له تركه لأنها إجارة. وكذلك لقط الزيتون، وهو كبيع نصفه.
وإن قال: فما لقطت أو حصدت فلك نصفه، جاز، وله الترك متى شاء لأن هذا جعل. وغير ابن القاسم لا يجيز هذا.
وإن قال له: احصد اليوم أو التقط اليوم، فما اجتمع فلك نصفه لم يجز، إذ لا يجوز بيع ما يحصد اليوم فلا أجيزه ثمنًا، مع ضرب الأجل في الجعل، إلا أن يشترط أن يترك متى شاء. ولم يجزه في العتبية في رواية عيسى عن ابن القاسم.