وإجارة الدار (السنة) القابلة صحيحة، كما لو أضافها إلى ما قبلها في عقد واحد، ويجوز النقد فيها لأمنها، فإن طال الأجل كره النقد وإن جاز العقد. ولو قال: استأجرت هذه الدابة لأركبها نصف الطريق وأترك لك النصف فأولى بالصحة.
ثم العجز الشرعي كالعجز الحسي في الإبطال؛ فلو استأجر على قلع سن صحيحه، أو قطع يد صحيحة، أو استأجر حائضًا على كنس مسجد، فالإجازة فاسدة، لأن تسليمه شرعًا متعذر. ولو كان اليد متأكلة، والسن متوجعة صحت الإجارة. فإن سكن قبل القلع واستغنى عن القلع انفسخت الإجارة. ولو استأجر منكوحة الغير ظئرًا دون إذن الزوج كان للزوج أن يفسخ الإجارة عنها. وأن يسافر بها فتنفسخ، وكان له أن يطأها إن لم تختر الفسخ، والمستأجر بالخيار بين أن يرضى بالإجارة على أن الزوج يطأ أو يفسخ، فإن كان بإذنه صح، ثم لا يكون له أن يفسخ الإجارة، ولا أن يسافر بالمرأة، ولا أن يطأها، إلا أن يرضى المستأجر.
وقال أصبغ: لا يمنع الوطء إلا أن يشترطوا ذلك عليه، وإلا لم يمنع إلا أن يتبين ضرر ذلك على الصبي فيمنع حينئذ. ولو استأجرها الزوج نفسه فهو صحيح، ويجوز استئجاره لها لإرضاع ولده منها أو من غيرها.
الشرط الرابع: حصول المنفعة للمستأجر.
فلا يصح الاستئجار على العبادات التي لا تجزئ النيابة فيها، كالصلاة والصيام ونحوهما. وقد تقدم الكلام في الاستنابة في الحج والإجارة عليه. فأما حمل الجنازة، وحفر القبر، وغسل الميت، فتجزئ فيها النيابة والإجارة.
ويجوز الاستئجار على الإمامة مع الأذان، وكأن الأجرة إنما وقعت على الأذان والقيام بالمسجد لا على الصلاة. وقد أجرى عمر لسعد القرظي رضي الله عنهما رزقاً على الآذان. ولا تجوز على الصلة بانفرادها، فرضًا كانت أو غير فرض.
(ومنع ابن حبيب من ذلك مجتمعًا ومفترقًا. قال: وما رروي من عطية عمر وغيره على ذلك، ف لأن ذلك من مال الله، ونفقة لهم على قيامهم بأمر المسلمين، وكذلك كان يجري للقضاة