وإن كانت محفوفة بالاملاك، فما بينها وبين سائر الأملاك لا يختص به واحد من الملاك، بل لكل واحد الانتفاع به على ما جرت به العادة، ولكل منهم أن ينتفع في ملكه بما شاء مما لا يتضرر به جاره.
(وقال ابن القاسم: فأما ما يحدثه الرجل في عرصته مما يضر بجيرانه من بناء حمام، أو فرن للخبز، أو لتسييل الذهب والفضة، أو كير لعلم الحديد أو رحى تضر بالجدار، فلهم منعه. قاله مالك في غير شيء ممن ذلك، وفي الدخان، وأرى التنور خفيفًا).
وقال أشهب: ما احتفره الرجل في ملكه مما يضر بجاره، فليس له ذلك إن كان يجد من ذلك بداً ولم يضطر إليه، فأما إن كان به إلى ذلك ضرورة ولم يجد عنه مندوحة، فله أن يحفره في حقه وإن أضر بجاره، لأنه يضر به منعه، كما أضر بجاره حفره، فهو أولى أن يمنع جاره أن يضر به في (منعه) له من الحفر في حقه لأنه ماله، وكذلك قال لي فيه مالك.
وأما البئر فليس لها حريم محدود، لاختلاف الأرض بالرخاوة والصلابة، ولكن حريمها ما لا ضرر معه عليها وهو مقدار ما لا يضر بمائها ولا يضيق مناخ إبلها ولا مرابض مواشيها عند الورد. ولأهل البئر منع من أراد أن يحفر أن يبني بئرًا في ذلك الحريم.
النوع الثالث: التحجير وفيه خلاف:
قال ابن الماجشون ومطرف: إذا تحجر أرضًا، بحيث يجوز الإحياء من موات الأرض، فلا يحجر ما يضعف عنه، (قالا): فإن رأى (الإمام) بمن حجر قوة على عمارة ما حجر إلى عامين أو ثلاثة خلاه، وإلا أقطعه بغيره. (وقال أشهب: قد روي عن عمر رضي الله عنه أن ينتظر به ثلاث سنين قال: وأنا أراه حسنًا.
وقال أيضًا: لا يكون أولى لأجل التحجير إلا أن يعلم أنه حجره ليعلمه إلى أيام يسيره، وليس يقطعه على الناس ويعمله يومًا (ما)، إلا أن يكون قصده العمارة بعد زوال مانع من