وإن كان على قلته له قدر ومنفعة، وقد يشح به صاحبه ويتبعه، فهذا يعرف، لكن اختلف في حده، فقيل: سنة كالذي له بال، وهو ظاهر رواية ابن القاسم في الكتاب. وفي العتبية من رواية عيسى عن ابن وهب:"أنه يعرفه أيامًا"، وهو قول ابن القاسم من رأيه في الكتاب.
ولا تتحدد عدة الأيام بعدد معين، بل (بحسب) ما يظن أن مثله يطلب فيها، [وهذا] كالمخلاة والحبل والدلو. ومن سماع أشهب:"إذا وجد العصا والسوط إن أخذهما عرفهما، وإن لم يعرفهما فأرجو أن يكون خفيفًا".
وأما ما يفسد وإن كان كثيرًا كالطعام وشبهه، فقد قال عليه السلام:"من التقط طعامًا فليأكله". وفي معناه الشاة الملتقطة بالبعد عن العمران حيث يعسر جلبها، ويخشى عليها إن تركها، فإنها طعام ويحتاج إلى العلف، ولقوله صلى الله عليه وسلم:"هي لك أو لأخيك أو للذئب".
فأما الجحش وصغار الحيوانات التي لا تؤكل، فينبغي أن تؤخذ خشية هلاكها. ولا شيء عليه في أكل الطعام بالفلاة، إلا أن يكون في رفقه وجماعة، فيكون له حكم الحاضرة.
وإن وجد بقرية فقال ابن حبيب في الواضحة: إن تصدق به فلا غرم عليه لصاحبه، لأنه يؤول إلى فساد. وأن أكله غرمه لانتفاعه به.
وظاهر قول أشهب أنه يغرمه لصاحبه تصدق به أو أكله. وظاهر ما في الكتاب أنه لا ضمان عليه فيه، أكله أو تصدق به.
فروع: في أحكام غلات اللقطة ومنافعها في مدة التعريف، قال ابن حبيب: ذكرت امرأة لعائشة رضي الله عنها أنها وجدت شاة، فقالت لها: عرفي واعلفي واحلبي واشربي.