فتلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: {إن الله - صلى الله عليه وسلم -أمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى (١) ...) الآية.
فقال مغروق: دعوت يا أخا قريش والله إلى مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال، ولقد أفك قوم كذبوك وظاهروا عليك. وكأنه أراد أن يشرك في الكلام هانىء بن قبيصة، فقال: وهذا هانىء بن قبيصة شيخنا وصاحب ديننا.
ففال هانىء: قد سمعت مقالتك يا أخا قريش، وإني أرى أن تركنا ديننا واتباعنا إياك على دينك لمجلس جلسته إلينا ليس له أول ولا آخر لوهن في الرأي، وقلة نظر في العاقبة، وإنما تكون الزلة مع العجلة، ومن ورائنا قوم نكره أن نعقد عليهم عقدا ولكن ترجع ونرجع، وتنظر وننظر.
وكأنه أحب أن يشرك في الكلام مثنى بن حارثة فقال: وهذا المثنى بن حارثة شيخنا وصاحب حربنا، فقال المثنى: قد سمعت مقالتك يا أخا قريش، والجواب هو جواب هانىء بن قبيصة في تركنا ديننا واتباعنا إياك في مجلس جلسته إلينا ليس له أول ولا آخر. وإنا إنما نزلنا بين صريان اليمامة والسماوة.
فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ما هذا الصريان؟
فقال: أنهار كسرى ومياه العرب. فأما ما كان من أنهار كسرى فذنب صاحبه غير مغفور، وعذره غير مقبول، وأما ما كان من مياه العرب فذنبه مغفور وعذره مقبول. وإنما نزلنا على عهد أخذه علينا كسرى، لا نحدث حدثا ولا نؤوي محدثا. وإني لأرى أن هذا الأمر مما تكرهه الملوك. فإن أحببت أن نؤويك وننصرك مما يلي مياه العرب فعلنا.
فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ما أسأتم الرد إذ أفصحتم بالصدق، فإن دين الله لن ينصره إلا من حاطه من جميع جوانبه. أرأيتم إن لم تلبثوا إلا قليلا حتى يورثكم الله أرضهم وديارهم ويفرشكم نساءهم أتسبحون الله وتقدسونه؟!