للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شتمه عمه أمام الملأ من قريش وعلى رؤوس الناس. قائلا له: تبا لك ألهذا جعتنا.

ولكن موقف أبي طالب المعلن في حماية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونصرته، قد عكر صفو أهل مكة لأن هذا الإعلان بمثابة معركة داخلية جديدة في صفوف مكة.

ولقد كان الأمر القرآني من الوضوح حيث أنه لا خيار لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الإعلان العام مهما كانت نتائجه.

{فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين (١)}.

غير أن الأمر بالإعلان وجهرية الدعوة قد اقترن بالدعوة إلى الصبر والصفح عن المشركين المعادين والإعراض عنهم يعني إلغاء الصدام معهم وتجنبه ما أمكن سبيلا إلى ذلك.

السمة الثانية

الإعراض عن المشركين

فلا بد من إفرادها بحديث واضح. إذ أن خط الدعوة مع المشركين هو خط الإعراض عن أذاهم فإعلان الدعوة ماض من جهة لا يتوقف للأذى النازل على المسلمين سواءا أكان أذى ماديا أو معنويا. لكن الصبر على الأذى والإعراض عن المشركين باق فلا مواجهة مادية، ولا مقاومة مسلحة، ولا انتقاما وثأرا لإهانة. إنها مرحلة كف اليد والاكتفاء بالتبليغ. ولا بد أن يكون البلاغ مبينا واضحا لا لجلجة فيه ولا غموض. {وقل إني أنا النذير المبين}.

لا بجوز أن تتميع الدعوة وتضيع معالمها بحجة مسايرة المشركين ومراعاة ظروفهم وتأليف قلوبهم كما يلجأ كثير من الناس اليوم وهم يتعايشون مع


(١) سورة الحجر الآية ٩٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>