قال ابن إسحاق:(حتى إذا كان العام المقبل وافى الموسم من الأنصار أثنا عشر رجلا فلقوه بالعقبة، وهي العقبة الأولى، فبايعوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيعة النساء، وذلك قبل أن تفترض عليهم الحرب، منهم أسعد بن زرارة، ورافع بن مالك، وعبادة بن الصامت، وأبو الهيثم بن التيهان. عن عبادة بن الصامت قال: كنت فيمن حضر العقبة الأولى، وكنا اثنى عشر رجلا، فبايعنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على بيعة النساء، وذلك قبل أن تفترض الحرب، على أن لا نشرك بالله شيئا، ولا نسرق، ولا نزني، ولا نقتل أولادنا، ولا نأتي ببهتان نفتريه بين أيدينا وأرجلنا، ولا نعصيه في معروف فإن وفيتم فلكم الجنة، وإن غشيتم من ذلك شيئا فأمركم إلى الله عز وجل إن شاء عذب، وإن شاء غفر.
قال ابن إسحاق: فلما انصرف عنه القوم بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - معهم مصعب بن عمير وأمره أن يقرئهم القرآن، ويعلمهم الإسلام، ويفقههم في الدين، فكان يسمى المقرىء بالمدينة. كان يصلي بهم، وذلك أن الأوس والخزرج كره بعضهم أن يؤمه بعض (١)).
عام جديد يمر بعد اللقاء الأول، ويحضر لمكة في الموسم الجديد نفر من اثنى عشر رجلا والجديد في هذا الوفد هو أنه يمثل التجمعين الكبيرين الأوس والخزرج. فلن يكون إذن معارك قبلية يمثل الخزرج في طرفها الإسلامي، ويكون الأوس طرفها الجاهلي، بل استطاعت هذه المجموعة النواة أن تتجاوز الدماء والثارات التي لم يمر عليها بضعة أشهر، وتلتحم في جماعة واحدة.
والذي يعنينا من هذه البيعة النقاط التالية:
١ - اتجه الخط السياسي الإسلامي كله للبناء الداخلي، وكان التركيز على