يثرب بالذات وقد كان لهؤلاء النفر الإثنى عشر دور كبير في بث الدعرة إلى الإسلام خلال هذا العام كما يقول ابن إسحاق:(فلما قدموا المدينة إلى قومهم ذكروا لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ودعوهم إلى الإسلام، فلم نبق دار من دور الأنصار إلا وفيها ذكر من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -). فلقد توجه رسول الله إلى البناء الداخلي في المدينة، وإلى بث الفكرة في صفوفها.
٢ - سميت البيعة بيعة النساء لأنها لم تشتمل على فكرة الحرب، والحرب لا تكون إلا بعد البناء الفكري والعقيدي للإنسان. وبعد أن يصاغ على ضوء الإسلام وقيمه يمكن أن يدعى المسلم إلى الجهاد. وإنها لثغرة كبيرة أن يندفع المرء إلى الجهاد ولما تتم صياغته الإسلامية. إن المفاهيم ستختلط في ذهنه بين اندفاعه للجهاد في سبيل الله وبين الحماس لنفسه أو لأهله أو لأرضه، ومن أجل هذا كانت الببعة الأولى خالية من الحديث عن الحرب. وكانت تجربة حية للدعوة قبل المعركة.
٣ - أما القيم التي تمت عليها البيعة كما ذكرها لنا عبادة بن الصامت رضي الله عنه (... على أن لا نشرك بالله شيئا، ولا نسرق، ولا نزني) ولا نقتل أولادنا، ولا نأتي ببهتان نفتريه بين أيدينا وأرجلنا ولا نعصيه في معروف (١) ...).
٤ - حضر بيعة العقبة الأولى اثنان من الأوس، وهذا تطور خطير جدا لصالح الإسلام هناك، فبعد الحرب العنيفة في بعاث استطاع النفر الستة من الخزرج أن يتجاوزوا قصة الصراعات الدموية الداخلية، ويحضروا معهم سبعة جددا فيهم اثنان من الأوس، وهذا يعنى أنهم وفوا بالتزاماتهم التي قطعوها على أنفسهم في محاولة رأب الصدع، وتوجيه التيار في يثرب أوسها وخزرجها للدخول في الإسلام، وتجاوز الصراعات القبلية القائمة.
٥ - وكان التطور الجديد الذي أثمرته بيعة العقبة هو بعث الممثل الشخصي