(ثم بعد ذلك تألف قوم من قريش على نقض تلك الصحيفة، كان أحسنهم غناء فيها هشام بن عمرو بن الحارث - فإنه لقي زهير بن أمية بن المغيرة فعيره بإسلام أخواله (أي تركهم مقاطعين). وكانت أمة عاتكة بنت عبد المطلب، فأجابه زهير إلى نقض الصحيفة، ثم مشى هشام إلى المطعم بن عدي فذكره أرحام بني هاشم وبني المطلب ابني عبد مناف فأجابه إلى ذلك، ثم مشى إلى البختري بن هشام فقال له مثل ما قال للمطعم بن عدي، ثم مشى إلى زمعة بن الأسود فكلمه، وذكر له قرابتهم وحقهم فقال: وهل معي على هذا الأمر الذي تدعوني إليه من أحد؟ قال: نعم ثم سمى له القوم، واتعدو حطم الحجون ليلا بأعلى مكة، فاجتمعوا وتعاهدوا على القيام في نقض الصحيفة. وقال زهير، أنا أبدؤكم فأكون أول من يتكلم، فلما أصبحوا غدوا على أنديتهم وكذا زهير بن أبي أمية عليه حلة، فطاف بالبيت سبعا، ثم أقبل على الناس فقال:
يا أهل مكة أنأكل الطعام ونلبس الثياب وبنو هاشم هلكى لا يباعون ولا يبتاع منهم. والله لا أقعد حتى تشق هذه الصحيفة القاطعة الظالمة. فقال أبو جهل - وكان في ناحية المسجد - كذبت والله لا تشق. قال زمعة بن الأسود: أنت والله أكذب، ما رضينا كتابتها حين كتبت، فقال أبو البختري: صدق زمعة لا نرض ما كتب فيها ولا نقر به. قال المطعم بن عدي: صدقتم وكذب من قال غير ذلك. نبرأ إلى الله منها ومما كتب فيها. وقال هشام بن عمرو نحوا من ذلك.
قال أبو جهل: هذا أمر قضي بليل، وتشوور فيه بغير هذا المكان. وأبو طالب جالس في ناحية المسجد. فقام المطعم بن عدي إلى الصحيفة ليشقها.