النوعين واضح: كافر مسالم مناصر للمسلمين، وكافر عدو محارب. ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - هو الذي يطلب هذه الإجارة وهذه النصرة. ويتنقل في مكة تحت حماية السيوف الكافرة. وها هو عليه الصلاة والسلام يعلن أنه سيطلق سراح سبعين كافرا من صناديد قريش لو طلبهم منه المطعم بن عدي الكافر.
إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يربينا على أن نرد المعروف لأهله ولو كانوا كفارا، ويعلمنا أن نحفظ الود لأهله. ولو كانوا عبدة أصنام وأوثان، ويربينا كيف نفرق بين العدو الذي يحمينا وبين العدو الذي يقتلنا.
ونخلص بعد ذلك إلى طبيعة هذه المرحلة التي أسميناها مرحلة قيام الدولة. فنجد أنها مرحلة طلب النصرة، ابتداء من ثقيف، فالمطعم بن عدي، فالقبائل الأخرى.
ونلاحظ هنا أن حماية المطعم -على ما يبدو- كانت محصورة على الحماية الشخصية، لا على حرية الدعوة، ومن أجل ذلك رأينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يبحث عن موطن آخر يستطيع أن ينطلق منه للدعوة في سبيل الله.
السمة الثالثة
طلب المنعة والحماية لتبليغ الدعوة من القبائل
كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مند أن جهر بالدعوة بعد ثلاث سنين من البعثة يرتاد المواسم وأسواق العرب ويدعو الناس للإيمان بالله (قولوا لا إله إلا الله تفلحوا) ويدعوهم إلى نبذ الأصنام والأوثان. أما في موسم هذا العام - أعني السنة العاشرة للبعثة - فقد اختلفت الصيغة عن ذي قبل.
يقول المقريزي في إمتاع الأسماع: (ثم عرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نفسه على القبائل أيام الموسم، ودعاهم إلى الإسلام وهم بنو عامر، وغسان، وبنو فزارة، وبنو مرة، وبنو حنيفة، وبنو سليم، وبنو عبس، وبنو نصر، وثعلبة بن عكابة، وكندة، وكلب، وبنو الحارث بن كعب، وبنو عذرة،