فعقوبة المعصية من الله تعالى لا من سلطان الدولة، وأجر الوفاء هو الجنة، وليس الإنعام المادي من السلطان الحاكم.
كانت هذه التربية ضرورية - على قصرها - بين يدي المرحلة الجديدة الحاسمة، والحركة الإسلامية اليوم مدعوة إلى هذه القدوة. فارتفاع مستوى أفرادها في التميز الفكري، وفي السلوك العملي، وفي مدى الانضباط والالتزام بأوامر القيادة وتحديد الولاء لها، واعتماد الوازع الداخلي للتطبيق دون رغبة أو رهبة من الأرض، هو الذي يجعلها مؤهلة لدور الخلافة في الأرض.
٨ - وإشارة جديدة الصبر والحديث عن قيم بيعة العقبة الأولى هي أن الزمن لا وزن له في هذا المجال، ولئن استغرقت التربية المكية ثلاثة عشر عاما.
فقد استغرقت التربية المدنية عامين - تزيد أو تنقص قليلا - ومع ذلك اعتبر السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار على سوية واحدة. فالمهم هو نوع التربية وثمرتها لا الزمن الذي استغرقته. ولهذا لم يجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حرجا حين سمع تقرير مبعوثه خلال عام من وجوده في المدينة، أن يستجيب للتعبئة المسلحة في بيعة العقبة الثانية بعد التعبئة الإيمانية المطلوبة.
السمة السابعة
الإذن بالقتال
(وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يؤذن له بالحرب، ولم تحلل له الدماء إنما يؤمر بالدعاء إلى الله، والصبر على الأذى، والصفح عن الجاهل، وكانت قريش قد اضطهدت من اتبعه من المهاجرين حتى فتنوهم عن دينهم، ونفوهم من بلادهم. فهم بين مفتون في دينه، وبين معذب في أيديهم، وبين هارب في البلاد فرارا منهم، منهم من بأرض الحبشة، ومنهم من بالمدينة، وفي كل وجه، فلما عتت قريش على الله عز وجل وردوا عليه ما أرادهم به من الكرامة، وكذبوا نبيه - صلى الله عليه وسلم -، وعذبوا ونفوا من عبده ووحده وصدق نبيه، واعتصم بدينه، أذن