(والتحقيق أن جبريل عليه السلام لما جاءه بغار حراء وأقرأه:{إقرأ باسم ربك الذي خلق} ورجع إلى خديجة، مكث ما شاء الله أن يمكث لا يرى شيئا. وفتر عنه الوحي؛ فاغتم لذلك وذهب مرارا ليتردى من رؤوس الجبال شوقا إلى ما عاين أول مرة من مشاهدة وحي الله إليه. فقيل: إن فترة الوحي كانت قريبا من سنتين، وقيل كانت سنتين ونصفا. وفي تفسير عبد الله ابن عباس كانت أربعين يوما، وفي كتاب معاني القرآن للزجاج كانت خمسة عشر يوما، وفي تفسير مقاتل ثلاثة أيام، ورجحه بعضهم وقال: ولعل هذا هو الأشبه بحاله عند ربه لم تبدى له الملك بين السماء والأرض على كرسي، وثبته وبشره أنه رسول الله، فلما رآه فرق منه، وذهب إلى خديجة رضي الله عنها. فقال: زملوني زملوني فأنزل الله تعالى: {يا أيها المدثر قم فأنذر وربك فكبر وثياب فطهر} فكانت الحالة الأولى بغار حراء حالة نبوة وإيحاء، ثم أمره الله تعالى في هذه الآية أن ينذر قومه ويدعوهم إلى الله عز وجل.