ظروف المعركة، وإمكانيات المسلمين، وجريمة العدو، دون قيود تغل حركة القيادة، إلى أن يأذن الله تعالى بالفتح المبين للمسلمين مع أعدائهم (تقاتلونهم أو يسلمون ..).
السمة السادسة عشرة
ليل المحنة الطويل وخطره
لقد لقي المسلمون في مكة شدة. وتمت تربية الجيل الأول من المهاجرين من خلال المحنة. أما الأنصار فلقد عاشرا ميلاد الدولة الجديدة، وتوج هذا الميلاد الجديد بالنصر المؤزر يوم بدر، وطارت القلوب فرحا بهذا النصر، حتى حسب المسلمون أنه لا هزيمة بعد اليوم، خاصة وقد قاتلت الملائكة ووقعت المعجزة الحسية، وانتصر المسلمون العزل القلة على الكفار الكثرة المدججين بالسلاح، ومن أجل ذلك عندما لاحت بوارق حرب جديدة تسارع المسلمون زرافات ووحدانا على دخولها، ولم يتمالكوا أنفسهم من الانضواء فيها، وعندما بدا لهم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرغب البقاء في المدينة للدفاع عنها ما تمالكت أعصابهم هذا الأمر، واندفعوا بوعي وبغير وعي يطالبون بالخروج لملاقاة العدو. ولم لا يكون ذلك؟ فالعدو كافر، وهم مؤمنون، ونصر الله تعالى قائم للمؤمنين على الكفار. يقول المقريزي:(... فقال فتيان أحداث لم يشهدوا بدرا، وطلبوا الشهادة، وأحبوا لقاء العدو: أخرج بنا إلى أعدائنا. وقال حمزة، وسعد بن عبادة، والنعمان بن مالك في طائفة من الأنصار: (إنا نخشى يا رسول الله أن يظن عدونا أنا كرهنا الخروج إليهم جبنا عن لقائهم، فيكون هذا جرأة منهم علينا، وقد كنت في بدر في ثلاثمائة رجل فظفرك الله عليهم، ونحن اليوم بشر كثير، قد كنا نتمنى هذا اليوم وندعو الله به، فساقه الله إلينا في ساحتنا). ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما يرى من إلحاحهم كاره، وقد لبسوا السلاح. وقال حمزة: والذي أنزل عليك الكتاب بالحق لا أطعم اليوم طعاما حتى أجالدهم بسيفي خارجا من المدينة، وكان يوم الجمعة صائما ويوم السبت