هذا والله الحدث العظيم، أن يصبح عبد بني جمح على بنية أبي طلحة! وقال سهيل بن عمرو - وكان أعدل الجميع:
إن كان هذا سخطا لله فسيغيره وإن كان لله رضى فسيقره ..
فأتى جبريل عليه السلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبره خبرهم (١). وبذلك يفقه الدعاة درسا خطيرا من هذه السمة. هو أن الوحدانية والرسالة هما محور أي دعوة مع العدو. ولا يمكن أن يكون أي لقاء فكري دونهما. كما يفقهون أن عالمية الدعوة فوق المساومات.
السمة الخامسة
سرية التنظيم
الاستتار بدار الأرقم.
لا بد للمحافظة على سرية التنظيم من اختيار مركز سري بعيد عن الأعين يتم فيه اللقاء بين الجنود مع بعضهم، وبين القيادة وجنودها، بحيث لا تعرفه استخبارات العدو. ولو كان التنظيم علنيا لأمكن أن يعلن عن مكان اللقاء في نوادي مكة. بل يمكن أن يكون اللقاء في الكعبة حيث منتدى قريش كلها. إن مثل هذا التجمع المعلن يدفع مكة مباشرة إلى فض مثل هذا التجمع والقضاء عليه، كما يدفع مباشرة إلى الصدام المسلح بين الفريقين.
ولعل دار الأرقم قد بقيت مجهولة على قيادة مكة عامين كاملين، فلم نسمع من حوادث السيرة ما يدل على معرفتهم لها إلا من خلال حادث إسلام عمر رضي الله عنه في السنة الخامسة، ولعله لا يعرفها بالتحديد. ولعل مكة لا تعرفها بالتحديد. فلقد كان جواب عمر رضي الله عنه لنعيم بن عبد الله:(... أذهب إلى محمد في دار عند الصفا).
ولعل قريشا قد لاحظت بعض التوارد عند الصفا لأتباع محمد - صلى الله عليه وسلم - ولم تكن تعرف بالضبط في أي دار.