شهدنا في السمة الماضية الصف القوي. وها نحن نشهد الآن عظمة القيادة النبوية من خلال صلح الحديبية.
(... فلما جاء سهيل بن عمرو، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: سهل أمرهم! فقال سهيل يا محمد إن هذا الذي كان - من حبس أصحابك وما كان من قتال من قاتلك - لم يكن من رأي ذوي رأينا بل كنا له كارهين حين بلغنا ولم نعلم به، وكان من سفهائتا. فابعث إلينا بأصحابنا الذين أسرت أول مرة، والذين أسرت آخر مرة. قال: إني غير مرسلهم حتى ترسلوا أصحابي. قال: أنصفتنا. فبعث سهيل ومن معه إلى قريش فبعثوا بمن كان عندهم، وهم عثمان وعشرة من المهاجرين وأرسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أصحابهم الذين أسروا وكان - صلى الله عليه وسلم - يبايع الناس تحت شجرة خضراء، وقد نادى عمر رضي الله عنه، إن روح القدس قد نزل على الرسول وأمر بالبيعة، فاخرجوا على اسم الله فبايعوا. فلما رأى سهيل بن عمرو ومن معه ورأت عيون قريش سرعة الناس إلى البيعة وتشميرهم إلى الحرب اشتد رعبهم وخوفهم وأسرعوا إلى القضية ولما جاء عثمان رضي الله عنه بايع تحت الشجرة وقد كان قبل ذلك حين بايع الناس قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إن عثمان ذهب في حاجة الله وحاجة رسوله. فأنا أبايع له. فضرب بيمينه شماله ..
(ورجع سهيل وحويطب ومكرز فأخبروا قريشا بما رأوا من سرعة المسلمين إلى التنعيم فأشار أهل الرأي بالصلح على أن يرجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويعود من قابل (١) فيقيم ثلاثا فلما أجمعوا على ذلك أعادوا سهيلا وصاحبيه ليقرر هذا. فلما رآه النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: أراد القوم الصلح وكلم رسول الله فأطالا الكلام وتراجعا، وارتفعت الأصوات. وكان - صلى الله عليه وسلم - يومئذ جالسا متربعا وعباد بن بشر وسلمة بن أسلم مقنعان بالحديد قائمان على رأسه فلما رفع سهيل صوته. قالا: اخفض من صوتك عند رسول الله! وسهيل بارك على ركبتيه رافع صوته والمسلمون حول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جلوس ..).
(... فلما حضرت الدواة والصحيفة - بعد طول الكلام والمراجعة - دعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أوس بن خولي يكتب، فقال سهيل لا يكتب إلا ابن عمك علي أو عثمان بن عفان فأمر عليا فكتب فقال: اكتب ...).