بتوجيه القيادة حين تسكت عن عدو أو تضطر أحيانا للئناء على بعضهم، فهي أدرى بملابسات الحرب السياسية التي تخوضها، وهي أدرى بطبيعة التعامل مع العدو من تهادن ومن تحارب. وهي صاحبة الحق في هذا الأمر، وعلى القواعد الالتزام بخطها السياسي.
السمة السابعة والعشرون
التجمع القبلي لحماية القيادة (أبو طالب وبنو هاشم وبنو المطلب)
قال ابن إسحاق:(ثم إن قريشا تذامروا بينهم على من في القبائل منهم من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذين أسلموا معه، فوثبت كل قبيلة على من فيهم من المسلمين يعذبونهم ويفتنونهم عن دينهم، ومنع الله رسوله منهم بعمه أبي طالب. وقد قام أبو طالب حين رأى قريشا يصنعون ما يصنعون في بني هاشم وبني عبد المطلب فدعاهم إلى ما هو عليه من منع رسول الله والقيام دونه. فاجتمعوا إليه وقاموا معه إلا ما كان من أبي لهب وولده فإنهم ظاهروا قريشا على قومهم.
وقال موسى بن عقبة عن ابن شهاب: أنهم أجمعوا على أن يقتلوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علانية فبلغ ذلك أبا طالب، فجمع بني هاشم وبني عبد المطلب. فأدخلوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شعبهم ومنعوه ممن أراد قتله. فمنهم من فعل ذلك حمية، ومنهم من فعل ذلك إيمانا ويقينا (١) ..).
لم يكن وضع أفراد القبائل واحدا بالنسبة للإسلام. فالقبائل التي تحمل لواء الحرب للإسلام لم تكن تقبل لأفرادها الانتساب للإسلام. لأن هذا إنقاصا لكرامتها كما تتصور. ومن أجل هذا فقد كان أبناؤها يتعرضون لصنوف الأذى والاضطهاد وكانت أحوالهم أشق وأصعب من أحوال أبناء القبائل الضعيفة، وذلك على غير الصورة لدى بني هاشم وبني عبد المطلب
(١) نقلا عن مختصر السيرة لعبد الله بن محمد بن عبد الوهاب.