الذين كانوا يتبنون حماية رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وبالتالي فالذي يسلم فيها يدخل في حماية زعمائها تبعا لأمر رسول الله. ولهذا الموفف كان لا بد من القضاء على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لاجتثاث الفتنة من جذورها، وعلى رواية الزهري أن قريشا اتخذوا هذا الموقف علانية. مما جعل أبا طالب يرى أنه عاجز عن حماية محمد ابن أخيه.
لقد أقدم على خطوة حاسمة حيث دعا بني هاشم وبني عبد المطلب ليحملوا مسؤولياتهم كاملة في حماية رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ومن موقع زعامته لبني هاشم وبني عبد المطلب. استجاب له الجميع لذلك، فحملوا سلاحهم من منطق العزة القبلية والأنفة العشائرية.
إننا أمام ظاهرة فريدة أن تقوم قيادة مشركة بقواعدها في حماية قيادة إسلامية وتتحمل مسؤولية هذه الحماية. ولو كانت قد تؤدي إلى فتح معركة وحرب مع الفريق الآخر، وما يمكن أن تقدم هذه القيادة على هذا الموقف لولا المركز الرفيع الذي يتمتع به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في قبيلته. ولم يقف أبو طالب عند هذا الحد. بل طمع أن ينظم كل بني عبد مناف - على شركهم - إلى حلفه، واعتبر تخلفهم عن نصرة محمد - صلى الله عليه وسلم - مطعنا كبيرا في نخوتهم الجاهلية، إذ يقول:
أرى أخوينا من أبينا وأمنا ... إذا سئلا قالا إلى غيرنا الأمر
أخص خصوصا عبد شمس ونوفلا ... هما نبذانا مثل ما ينبذ الجمر
هما أغمرا للقوم في أخويهما ... فقد أصبحا منهم أكفهما صفر (١)
ونلاحظ هنا أن الحركة الإسلامية قد نالت هذه الحماية دون أن تقدم أي تنازل عن عقيدتها. بل تمت الحماية لمحمد - صلى الله عليه وسلم - وهو يدعو إلى الإسلام، ويسفه أحلام قريش، ويحارب عقيدتها، لقد كانت الحماية لشخصه ولحرية