للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دعوته حتى ولو كانت الدعوة ضد معتقدات حماته. وهذا من غرائب ما روى التاريخ. وقد تتكرر هذه الصورة في واقعنا المعاصر في حالتين:

الحالة الأولى: أن تتضارب مصالح الجاهلية، فلا يرى فريق منها مجالا لضرب مصلحة الفريق الآخر إلا بحماية الدعاة إلى الله. وهذا ما نجده أحيانا حين تلجأ أمريكا على سبيل المثال إلى إعطاء الحرية للدعاة المسلمين كي يقفوا في وجه النفوذ الشيوعي في منطقة من المناطق وهذه الحالة لا تعني أن يطمئن المسلمون إلى هذه المواقف. بل تعني أن يستفيدوا منها. لأنه ما إن يظهر خطر المد الإسلامي إلا ويتغير الموقف من هذه الدولة أو أزلامها في السلطة. ويحس هذا العدوان الخطر الأكبر هو المد الإسلامي.

الحالة الثانية: أن يسود الفكر الديمقراطي حقيقة في أمة من الأمم أو شعب من الشعوب، ويتحرك المسلمون بالدعوة انطلاقا من هذه القوانين والمبادىء. واستفادة منها في حرية التبليغ. فتضيق الجاهلية ذرعا بهذه الدعوة فتحاول خنقها. فلا عجب أن يوجد فريق من هذه الجاهلية يحمي الدعوة الإسلامية ويساندها طالما أنها لا تتجاوز مجال البيان والكلام. وخاصة إذا كان هذا الفريق يمت بصلة قربى أو مصلحة للمسلمين، وسواء أكانت هذه الحالة أو تلك، فليس للحركة الإسلامية في هذا المجال أن تطمئن لهذه الحماية، بل عليها أن تتحرك في أطر ثلاثة:

الإطار الأول: أن تستفيد من هذه الحماية أقصى حدود الاستفادة في التبليغ والبيان.

الإطار الثاني: أن تكون يقظة، فلا تقدم مقابل هذه الحماية أي تنازل عن عقيدة أو تراجع عن فكرة لمجاراة هؤلاء الذين يقدمون الحماية أو مجاملتهم.

الإطار الثالث: أن تصمت عن النيل منهم وشتمهم بصفتهم كفارا، طالما أنهم يناصرون الدعوة. بل لا غرابة أن ثثني على مواقفهم وتمدح شجاعتهم دون أن يصل الئناء إلى عقيدتهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>