ونستطيع أن نقول في نهاية المطاف أن ظاهرة المنافقين ابتدأت معسكرا قبيل أحد. وبلغت ذروتها في أحد، وظهر عظم خطرها على الصف الإسلامي، وانتهت فردا أو أفرادا يعدون على الأصابع، وأصبح الصف الإسلامي نقيا خالصا وذلك بعظمة تربية النبي - صلى الله عليه وسلم -، التي دفعت الكثير منهم إلى أن يسلم ويحسن إسلامه. غير أن هذه الظاهرة عادت للظهور مرة ثانية بعد فتح مكة وانتشار الإسلام في الأرض العربية، وبدت أوضح ما يكون في غزوة تبوك حيث تناولت سورة براءة فضح كل أساليبهم ومخططاتهم، وسبب عودة ظاهرة النفاق هو أن فتح مكة جعل الكثيرين يدخلون خوفا في الإسلام، فيظهرونه ويبطون الكفر، ومجال معالجة ذلك في المرحلة الثانية من العهد المدني إن شاء الله.
السمة الخامسة عشرة
الوجود اليهودي في المدينة وإنهاؤه
ابتدأ الوجود اليهودي في المدينة بعد قيام دولة الإسلام باعتراف رسمي به وذلك من خلال نصوص المعاهدة النبوية التي تم فيها تحديد العلاقات بين فئات المجتمع في المدينة المسلمة وغير المسلمة. وكانت الفقرات (١) التي تخص اليهود في هذا الميثاق كفيلة بإيضاح حقوقهم وواجباتهم.
أ - الاعتراف بالوجود اليهودي في الدولة المسلمة:
حيث كانت النصوص تعالج نوعين من التجمعات اليهودية.
النوع الأول: وهي التجمعات اليهودية الصغيرة المرتبطة بتجمع القبيلة الكبير. (وأن اليهود ينفقون مع المؤمنين ما داموا محاربين). فنفقات الحرب التي تقع على القبيلة توزع على أفرادها مسلمين ومشركين ويهود. وكل تجمع يهودي هو في الأصل جزء من القبيلة، يمكن أن يكون حليفا للقبيلة، ويمكن
(١) تم ذكر هذه الفقرات في السمة الأولى من سمات هذه المرحلة فلا ضرورة لذكرها.