للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونعي أبعادها، إن القضية عندنا هي قضية حكم الإسلام قبل أن تكون قضية حكم المسلمين. نحن لا نريد الحكم لذواتنا وأشخاصنا، ولا نريد الحكم للجاه والسلطة والنفوذ. إنما نريد الحكم لهذا الدين، لأن يكون الدين كله لله. {وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله (١)}.

وهكذا رأينا فشل أضخم مفاوضات وقد حشد لها أضخم الإمكانات في صف قريش. ورفض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كل الحلول المطروحة لإعادة الائتلاف الوطني في مكة، وإنهاء الخلافات الدينية فيها. وتوحيد الكلمة ولو تحت قيادة محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، على أن يتخلى عن رسالته وعن دينه.

إن الائتلاف على حساب العقيدة مرفوض، والاتفاق على حساب الإسلام مرفوض، ووحدة الصف تحت راية غير الراية الإسلامية مرفوضة كذلك، ونصبر حتى يحكم الله بيننا وبين عدونا وهو أحكم الحاكمين.

السمة السادسة والعشرون

تحييد بعض الشخصيات والبطون نتيجة المفاوضات

بين يدينا المحادثات الخاصة التي تمت بين عتبة بن ربيعة زعيم بني أمية وبين رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. والتي قدم فيها نفس العروض السابقة، ولنستمع إلى رد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عليها: (.. حتى إذا فرغ عتبة ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يستمع منه. قال: أقد فرغت يا أبا الوليد؟. قال: نعم. قال: - فاسمع مني. قال:

أفعل. فقال: {بسم الله الرحمن الرحيم حم تنزيل من الرحمن الرحيم كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا لقوم يعلمون بشيرا ونذيرا فأعرض أكثرهم فهم لا يسمعون (٢) ...} ثم مضى رسول الله فيها يقرأها عليها، فلما سمعها عتبة أنصت لها، وألقى خلف ظهره معتمدا عليهما يسمع منه، ثم انتهى


(١) سورة الأنفال الآية ٣٩.
(٢) سورة فصلت الآية ١ - ٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>