للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أصحاب عيسى بن مريم، حملوا على الخشب ونشروا بالمناشير، ما دون لحمهم وعظامهم، ما صدهم ذلك عن دين الله.

السمة العشرون

إعلان التحدي ودور الشخصيات القيادية فيه

ونلاحظ ثانيا ذلك التحدي الشخصي للجاهلية من عمر رضي الله عنه في ذهابه لخاله أبي جهل وإعلانه إسلامه، وفي بحثه عن جميل بن معمر الجمحي أنقل قريش للخبر لينقل خبر إسلامه للناس وفي مواجهته المشركين وقد سال بهم الوادي يضربهم ويضربونه.

إن هذه الشخصية الفذة لا تعرف الحلول الوسطى، ولا يناسبها إلا المواجهة والمجابهة، وهذه هي فطرتها. ولكننا نخطىء كثيرا حين نقيس الناس جميعا بعمر، إن حادثة إسلام عمر فيها شخصية سعيد رضي الله عنه الذي كتم إسلامه عن قومه وهو من العشرة المبشرين، وفيها شخصية خباب رضي الله عنه الذي اختبأ عند سماعه صوت عمر، وهو من السابقين الأولين من المهاجرين. ولم يكن المسلمون يعيبون على خباب وسعيد، أو يتهمونهما بالجبن.

فالإندفاع الأعمى وراء شخصية معينة في الإسلام أو حادثة معينة، يعني الحكم الأهوج والأعوج على الناس. فليس كل الشخصيات الإسلامية عمر والحمزة، وليست كلها سعيد وخباب، والإسلام يقبل هذه النماذج جميعا، وكل واحدة منها لها دورها ومسؤوليتها ورسالتها.

إن الشخصية الوحيدة التي تصدت لعمر رضي الله عنه هي شخصية الحمزة التي كانت تملك من المؤهلات المكافئة لمواجهة التحدي من عمر. فلا غرو إذن أن يكون لهما الدور الأكبر والحاسم في إنهاء مرحلة معينة وابتداء مرحلة جديدة.

<<  <  ج: ص:  >  >>