العقيدة الصحيحة هي التي ينبثق منها العبادة الصحيحة والسلوك الصحيح، وهي التي تضمن في الوقت نفسه الثبات على الحق، وتحمل التضحيات في سبيله عندما تطلب من المسلم أن يؤديها. وكل ما نراه من التراجع والتذبذب والنفاق والتخلي عن طريق الحق مرده ضعف هذه العقيدة، وتزعزعها وعدم تمكنها من القلب المسلم.
ولأمر ما اختار الإسلام - كلمة الإيمان - للدلالة على العقيدة. فالإيمان يباشر العقل والقلب معا ويربط الفكر بالوجدان ربطا وثيقا. فليس الأمر قضية قناعة فكرية باردة وليس الأمر قضية دفعة عاطفية خاوية من القناعة العقلية. بل هو الالتحام الكامل بين الجانبين حيث يصعب التمييز بينهما.
السمة العاشرة
الجهر بالدعوة بعد بناء النواة الصلبة
ودليل ذلك أنه لم يرتد أحد عن دينه من هؤلاء عندما وقعت المحنة وابتدأت المواجهة. بل كان هؤلاء الذين عاشوا الخطوات الأولى للدعوة هم القمة في الإسلام فيما بعد من حيث مستويات إيمانهم ومستويات سلوكهم، ومستويات جهادهم وتضحياتهم. ويكفي أن نعرف أن أعلى طبقة في الأمة المسلمة وهي طبقة العشرة المبشرين بالجنة كانت منهم باستثناء عمر بن الخطاب رضي الله عنه. هذه الطبقة هي التي كونت جيل القيادة للمجتمع الراشد، وكان اصطفاء الخليفة منها، وتوفي رسول الله وهو راض عنها.
هذه النواة هي التي حملت فيما بعد عبء الدعوة للإسلام في الأرض، وحملت عبء المواجهة الكبرى مع أعداء هذا الدين.
لقد كان هؤلاء الستون مستعصين على الإبادة بعد أن انتهت هذه المرحلة وبدأت مرحلة المواجهة وكانوا مؤهلين لرضا الله عز وجل.
ويكفي أن ندلل على مدى حب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لهم ما جرى بين خالد