للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن الوليد رضي الله عنه وبين عبد الرحمن بن عوف حين اختلفا على أمر. ورفع الأمر إلى رسول الله فقال لخالد:

يا خالد، دع عنك أصحابي. فوالله لو كان لك أحد ذهبا ثم أنفقته في سبيل الله ما أدركت غدوة رجل من أصحابي أو روحته (١). فبالرغم من أن خالد من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وبالرغم من أنه من الذين أسلموا وأنفقوا قبل الفتح. بالرغم من ذلك كله، فلقد قيل له هذا القول حين شاتم عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه أحد أفراد النواة الصلبة الأولى التي قام البناء الإسلامي على أكتافها. ولا ننسى أبدا بين النسوة أمثال خديجة رضي الله عنها إحدى الكاملات في الدنيا، وأسماء بنت عميس، وأم الفضل بنت الحارث وغيرهن اللاتي كن النموذج الأعلى للنساء في التاريخ. ونتساءل أخيرا عن هذه المرحلة، هل يمكن أن تتكرر في تاريخ الحركة الإسلامية؟؟ فيما أتصوره أنها لا يمكن أن تتكرر. وبتعبير آخر لا يمكن أن نتصور الحركة الإسلامية في دور سرية الدعوة وسرية التنظيم.

إن الدعوة قد أعلنت، وانتشرت مبادئها في الكتاب الخالد لها؛ القرآن الكريم، والسنة النبوية المطهرة، وفيما ألف عن الإسلام من كتب وأسفار ومجلدات أصبحت ملك الناس جميعا. ولهذا لا أرى مبررا كذلك للعذر في خفوت الحركة الإسلامية عن الدعوة المعلنة القول بأنها في المرحلة السرية الأولى. بل يمكن القول:

لقد انتهت مرحلة سرية الدعوة إلى الأبد، وحتى يرث الله الأرض ومن عليها. لأن هذا الدين قد أعلن واكتمل. وانتهى أمر إخفائه.

{اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا (٢)}.

لكننا نستدرك فنقول:


(١) السيرة النبوية لابن هشام ج ٤ ص ٧٤، وأخرجه الإمام مسلم حديث ٢٥٤. وابن ماجه ١٦١ كلاهما عن طريق أبي معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة.
(٢) سورة المائدة الآية ٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>