وكان ذلك في السنة الخامسة للهجرة بعد أن بدأت القبائل تتجرأ على المسلمين عقب أحد حيث بلغه أن هذه القبائل على مشارف الشام تعد العدة لغزو المدينة. وأما أهل دومة الجندل ففروا في كل وجه، فلما نزل المسلمون بساحتهم لم يجدوا أحدا، وأقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أياما وبث السرايا، وفرق الجيوش، فلم يصب منهم أحدا، ثم رجع إلى المدينة، ووادع في تلك الغزوة عيينة بن حصن.
فلقد كانت هذه الأحلاف والمعاهدات مع القبائل البعيدة والقبائل المجاورة بهدف تخذيل العدو وفتح جبهة واحدة مع قريش فقط، بينما يطمئن إلى بقية الجبهات أنها لن تغزوه، وبهدف التخذيل عن العدو، فلا يبقى مع قريش مناصر في المدينة وما حولها. فلا تجد الحركة الإسلامية على ضوء هذه السمة حرجا في أن تحالف من شاءت وتحارب من شاءت إلى أن تصبح قادرة على تطبيق الإسلام كاملا بالنسبة للمشركين، إما الإسلام وإما القتل. وعليها أن تفي بعهودها مع هذا الحليف.
السمة الثانية
بناء القاعدة الصلبة
وقد أخذت عملية بناء المجتمع الإسلامي الأولى ثلاثة خطوط:
الخط الأول: العهد بين تجمع المهاجرين وتجمع الأنصار.
الخط الثاني: المؤاخاة بين أفراد المهاجرين والأنصار.
الخط الثالث: المؤاخاة بين المهاجرين وحدهم.
أما نص الوثيقة التي أقامت هذا البناء بين المهاجرين والأنصار فتقول: بسم الله الرحمن الرحيم هذا كتاب من محمد النبي بين المؤمنين والمسلمين من